وإذا زوّجت في غربة قال لها لا أيسرت ولا أذكرت ، فإنك تدنين البعداء ، وتلدين الأعداء ، أحسني خلقك ، وتحببي إلى أحمائك ، فإن لهم عينا ناظرة إليك ، وأذنا سامعة ، وليكن طيبك الماء.
وكانوا يطلقون ثلاثا على التفرقة. قال عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : أول من طلق ثلاثا على التفرقة إسماعيل بن إبراهيم عليهماالسلام ، وكان العرب يفعلون ذلك ، فتطلقها واحدة وهو أحق الناس بها ، حتى إذا استوفى الثلاث انقطع السبيل عنها ، ومنه قول الأعشى (١) ميمون بن قيس حين تزوج امرأة فرغب قومها عنه ، فأتاه قومها فهددوه بالضرب أو يطلقها :
أيا جارتي بيني (٢) فإنّك طالقه |
|
كذاك أمور الناس غاد وطارقه |
قالوا : ثنّه ، فقال :
وبيني فإنّ البين خير من العصا |
|
وأن لا ترى لي فوق رأسك بارقه |
قالوا : ثلّث ، فقال :
وبيني حصان الفرج غير ذميمة |
|
وموموقة (٣) قد كنت فينا ووامقه |
قال : وكان أمر الجاهلية في نكاح النساء على أربع : رجل يخطب فيتزوج ، وامرأة يكون لها خليل يختلف إليها ، فإن ولدت قالت هو لفلان فيتزوجها بعد هذا ، وامرأة يختلف إليها النفر وكلهم يواقعها (٤) في طهر واحد ، فإذا ولدت ألزمت الولد
__________________
(١) الأعشى : هو ميمون بن قيس بن جندل أبو بصير المعروف بأعشى قيس ويقال له أعشى بكر بن وائل والأعشى الكبير ، وهو من شعراء الطبقة الأولى في الجاهلية وأحد أصحاب المعلقات. كان كثير الوفود على الملوك من العرب والفرس ، وكان يغني بشعره فسمي «صناجة العرب» متوفى سنة ٧ ه / ٦٢٩ م. (الشعر والشعراء ص ٧٩ وشعراء النصرانية ١ : ٣٥٧).
(٢) بيني : فارقي.
(٣) الموموقة : المحبوبة ، وفعلها ومق ، والوامق : المحب.
(٤) يواقعها : يجامعها.