ومن هؤلاء : زهير بن أبي سلمى المزني ، وكان يمر بالعضاة (١) وقد أورقت بعد يبس فيقول : لو لا أن تسبني العرب لآمنت أن الذي أحياك بعد يبس سيحيي العظام وهي رميم، ثم آمن بعد ذلك ، وقال في قصيدته التي أولها :
أمن أمّ أوفى دمنة لم تكلّم (٢) ... وهي من السبعيات.
يؤخّر فيوضع في كتاب فيدّخر |
|
ليوم حساب ، أو يعجّل فينقم |
ومنهم : علاف بن شهاب التميمي ، كان يؤمن بالله تعالى وبيوم الحساب ، وفيه قال:
ولقد شهدت الخصم يوم رفاعة |
|
فأخذت منه خطّة المقتال |
وعلمت أنّ الله جاز عبده |
|
يوم الحساب بأحسن الأعمال |
وكان بعض العرب إذا حضره الموت يقول لولده : ادفنوا معي راحلتي حتى أحشر عليها ، فإن لم تفعلوا حشرت على رجلي. قال جريبة (٣) بن الأشيم الأسدي في الجاهلية وقد حضره الموت يوصي ابنه سعدا :
يا سعد إمّا أهلكنّ فإنّني |
|
أوصيك إنّ أخا الوصاة الأقرب |
لا تتركنّ أباك يعثر راجلا |
|
في الحشر يصرع لليدين وينكب |
واحمل أباك على بعير صالح |
|
وابغ المطيّة إنّه هو أصوب (٤) |
ولعلّ لي ممّا تركت مطيّة |
|
في الحشر أركبها إذا قيل اركبوا |
وقال عمرو بن زيد بن المتمني يوصي ابنه عند موته :
أبنيّ! زوّدني إذا فارقتني |
|
في القبر راحلة برحل قاتر (٥) |
__________________
(١) العضاة ، الواحدة عضاهة : وهي نوع من الشجر الشوكي ينبت في الصحراء.
(٢) وعجزه : «بحومانة الدراج فالمتثلم».
(٣) جريبة بن الأشيم الأسدي : ويقال الفقعسي ، وهو أحد بني فقعس بن طريف ، وهو أخو مطير بن الأشيم أحد شياطين بني أسد ، وهو شاعر مقل. (شرح الحماسة ٢ : ١٣٩ ومعجم الشعراء ص ٧٧).
(٤) وفي نسخة : «وتق الخطيئة إنه هو أقرب».
(٥) الرحل : ما يجعل على ظهر البعير كالسرج ، والرحل القاتر : الجيد منه.