وقال ثاون : انظروا إلى حلم النائم كيف انقضى؟ وإلى ظل الغمام كيف انجلى.
وقال سوس : كم قد أمات هذا الشخص لئلا يموت فمات ، فكيف لم يدفع الموت عن نفسه بالموت؟.
وقال حكيم : طوى الأرض العريضة فلم يقنع حتى طوي منها في ذراعين.
وقال آخر : ما سافر الإسكندر سفرا بلا أعوان ، ولا آلة ولا عدة غير سفره هذا.
وقال آخر : ما أرغبنا فيما فارقت ، وأغفلنا عما عاينت.
وقال آخر : لم يؤدبنا بكلامه كما أدبنا بسكوته.
وقال آخر : من ير هذا الشخص فليتق ، وليعلم أن الديون هكذا قضاؤها.
وقال آخر : قد كان بالأمس طلعته علينا حياة ، واليوم النظر إليهم سقم.
وقال آخر : قد كان يسأل عما قبله ، ولا يسأل عما بعده.
وقال آخر : من شدة حرصه على الارتفاع انحط كله.
وقال آخر : الآن تضطرب الأقاليم لأن مسكّنها قد سكن.
وقال آخر : الآن وقت الانصراف ، لأن الأشخاص يتوجهون من دار إلى دار ، والله تعالى يبقى ولا يفنى.
٣ ـ حكم ديوجانس الكلبي (١)
وكان حكيما فاضلا ، متقشفا لا يقتني شيئا ، ولا يأوي إلى منزل. وكأنه من قدرية الفلاسفة لما يوجد في مدارج كلامه من الميل إلى القدر. قال : ليس الله
__________________
(١) ديوجانس الكلبي : ولد بمدينة سينوب سنة ٤١٣ ق. م. وكان يلقب بالكلبي. كان أبوه صيرفيا ، وقد اتهم بصناعة الدراهم الخارجية فقبض عليه إلى أن مات في سجنه. أما الابن فقد فرّ إلى أثينا حيث تتلمذ لأتيثينوس.
وقد أولع بعلوم الأدب وزهد بالعلوم الأخرى ، وكان يذم أرباب الموسيقى والألحان وأرباب الرياضة على تسليهم برصد الشمس والقمر والكواكب. وقد أضيفت إليه أقاصيص وحكايات تكشف عن شخصيتين متمايزتين : إحداهما لشخص ملحد مستهتر ، والثانية لفاضل جليل. وقد مات بمدينة قورنتة سنة ٣٢٨ ق. م. (ترجمة مشاهير قدماء الفلاسفة ص ١٢٣).