ما هو أخس علة لما هو أفضل ، ولا فائدة في محركات ساكنة غير متحركة كالصور الأفلاطونية ، فلا ينبغي أن يضع هذه الطبيعة بلا فعل فتكون متعطلة غير قادرة أن تحيل وتحرك.
المسألة الثانية عشرة :
في كيفية تركب العناصر (١).
حكى فرفريوس عنه أنه قال : كل موجود ففعله مثل طبيعته. فما كانت طبيعته بسيطة ففعله بسيط. والله تعالى واحد بسيط ، ففعل الله تعالى واحد بسيط ، وكذلك فعله الاجتلاب إلى الوجود ، فإنه موجود ، لكن الجوهر لما كان وجوده بالحركة كان بقاؤه أيضا بالحركة. وذلك أنه ليس للجوهر أن يكون موجودا من ذاته بمنزلة الوجود الأول الحق ، لكن من التشبه بذلك الأول الحق ، وكل حركة تكون إما أن تكون مستقيمة أو مستديرة ، فالحركة المستقيمة يجب أن تكون متناهية. والجوهر يتحرك في الأقطار الثلاثة التي هي : الطول ، والعرض والعمق على خطوط مستقيمة حركة متناهية فيصير بذلك جسما. وبقي عليه أن يتحرك بالاستدارة على الجهة التي يمكن فيها حركة بلا نهاية ، ولا يسكن في وقت من الأوقات ، إلا أنه ليس يمكن أن يتحرك بأجمعه حركة على الاستدارة وذلك أن الدائر يحتاج إلى شيء ساكن في وسط منه كالنقطة. فانقسم الجوهر ، فتحرك بعضه على الاستدارة وهو الفلك ، وسكن بعضه في الوسط.
قال : وكل جسم يتحرك فيماسّ جسما ساكنا وفي طبيعته قبول التأثير منه ، أحدث سخونة فيه ، وإذا سخن لطف وانحل وخف ، فكانت طبيعة النار تلي تلك الفلك المتحرك ، والجسم الذي يلي النار يبعد عن الفلك ويتحرك بحركة النار ،
__________________
(١) وقد ورد في ذلك آراء كثيرة ، فمن الفلاسفة من يزعم أن جميع العناصر من مادة واحدة ، ومنهم من يرى أنه يوجد أكثر من عنصر واحد ، وقد ذهب أرسطو إلى أنه يوجد مادة ما للأجسام المحسة منها يأتي ما يسمى بالعناصر. (انظر ذلك بتوسع في كتاب الكون والفساد ص ٢٠٢).