وقال أبو إسحاق في «الطّبقات» (١) : ومنهم شيخنا وأستاذنا أبو الطّيّب ، توفّي عن مائة وسنتين ، لم يختلّ عقله ، ولا تغيّر فهمه ، يفتي مع الفقهاء ، ويستدرك عليهم الخطأ ، ويقضي ويشهد ، ويحضر المواكب إلى أن مات.
تفقّه بآمل على أبي عليّ الزّجّاجيّ صاحب ابن القاصّ ، وقرأ على أبي سعد الإسماعيليّ ، وعلى القاضي أبي القاسم بن كجّ بجرجان. ثمّ ارتحل إلى نيسابور وأدرك أبا الحسن الماسرجسيّ ، وصحبه أربع سنين ، ثمّ ارتحل إلى بغداد ، وعلّق عن أبي محمد الباغي الخوارزميّ صاحب الدّاركيّ ، وحضر مجلس الشّيخ أبي حامد ، ولم أر فيمن رأيت أكمل اجتهادا ، وأسدّ تحقيقا ، وأجود نظرا منه. شرح «المزنيّ» ، وصنّف في الخلاف والمذهب والأصول والجدل كتبا كثيرة ، ليس لأحد مثلها. ولازمت مجلسه بضع عشرة سنة ، ودرّست أصحابه في مسجده سنين بإذنه ، ورتّبني في حلقته ، وسألني أن أجلس في مسجد للتّدريس ، ففعلت في سنة ثلاثين. أحسن الله تعالى عنّي جزاءه ورضي عنه.
قلت : وأبو الطّيّب صاحب وجه في المذهب ، فمن غرائبه أنّ خروج المنيّ ينقض الوضوء (٢).
ومنها أنّه قال : الكافر إذا صلّى في دار الحرب كانت صلاته إسلاما (٣).
__________________
= خيثمة الأطرابلسي من حديث أنس بن مالك ، في المنتخب من الجزء الأول من فوائده. (انظر : من حديث خيثمة ـ بتحقيقنا ـ ص ٦٣ ، ٦٤).
وروي الحديث عن معاذ بن جبل ، والنعمان بن بشير ، وجبير بن مطعم ، وأبي قرصافة جندرة بن خيشنة ، وغيرهم : وقد وضع أبو عمر بن نهيك المديني مسند أصفهان المتوفى سنة ٣٣٣ ه.
مخطوطة عن طرق حديث : «نضّر الله امرأ سمع مقالتي». انظر : فهرست منتخبات مخطوطات الحديث ، بالظاهرية ١٨٥ ، تاريخ التراث العربيّ ١ / ٤٥٥.
وخرّجه الحافظ أبو موسى المديني في مخطوطة : «من أدركه الخلّال من أصحاب ابن مندة» بالظاهرية ، مجموع ٨٠ ورقة ١٥٠ أ.
وانظر : طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ١ / ١٧٠.
(١) طبقات الفقهاء ١٠٦ ، ١٠٧.
(٢) قال الإمام النووي : والصحيح الّذي قاله جمهور أصحابنا : لا ينقضه ، بل يوجب الغسل فقط.
(٣) قال النووي : والصحيح المنصوص للشافعي وجمهور الأصحاب أنها ليست بإسلام إلا أن تسمع =