فقال أبو عليّ : ما الّذي يفتح عليكم به؟
فقال أبو عبد الرحمن : عندي الذّكر أتمّ من الفكر ، لأنّ الحقّ سبحانه يوصف بالذّكر ولا يوصف بالفكر. وما وصف به الحقّ أتمّ ممّا اختصّ به الخلق.
فاستحسنه الأستاذ أبو عليّ رحمهالله.
قال أبو القاسم : وسمعت الشّيخ أبا عبد الرحمن يقول : خرجت إلى مرو في حياة الأستاذ أبي سهل الصّعلوكيّ ، وكان له قبل خروجي أيّام الجمعة بالغدوات مجلس دور القرآن يختم فيه ، فوجدته عند رجوعي قد رفع ذلك المجلس ، وعقد لابن العقابيّ (١) في ذلك الوقت مجلس القول ، والقول هو الغناء ، فداخلني من ذلك شيء ، وكنت أقول في نفسي : قد استبدل مجلس الختم بمجلس القول.
فقال لي يوما : أيش يقول النّاس لي؟
قلت : يقولون : رفع مجلس القرآن ووضع مجلس القول.
فقال : من قال لأستاذه لم؟ لا يفلح أبدا.
وقال الخطيب في تاريخه (٢) : قال لي محمد بن يوسف النّيسابوريّ القطّان : كان السّلميّ غير ثقة ، وكان يضع للصّوفيّة.
قال الخطيب (٣) : قدر أبي عبد الرحمن عند أهل بلده جليل ، وكان مع ذلك مجوّدا ، صاحب حديث. وله بنيسابور دويرة للصّوفيّة.
قال الخطيب (٣) : وأنا أبو القاسم القشيريّ قال : كنت بين يدي أبي عليّ الدّقّاق فجرى حديث أبي عبد الرحمن السّلميّ ، وأنّه يقوم في السّماع موافقة للفقراء ، فقال أبو عليّ : مثله في حالة لعلّ السّكون أولى به. أ(٤) مض إليه فستجده
__________________
(١) في الأصل : «القعابي» بتقديم القاف على العين ، ولم أجد هذه النسبة ، والموجود في : طبقات الشافعية الكبرى للسبكي ٤ / ١٤٦ «العقابي : نسبة إلى العقابة ، وهو بطن من حضرموت».
(٢) ج ٢ / ٢٤٨.
(٣) في تاريخه ٢ / ٢٤٨.
(٤) في تاريخه ٢ / ٢٤٨ ، ٢٤٩.