قاعدا في بيت كتبه ، وعلى وجه الكتب مجلّدة صغيرة مربّعة فيها أشعار الحسين بن منصور ، فهاتها ولا تقل له شيئا.
قال : فدخلت عليه ، فإذا هو في بيت كتبه ، والمجلّدة بحيث ذكر أبو عليّ. فلمّا قعدت أخذ في الحديث ، وقال : كان بعض النّاس ينكر على واحد من العلماء حركته في السّماع ، فرئي ذلك الإنسان يوما خاليا في بيت وهو يدور كالمتوحّد ، فسئل عن حاله فقال : كانت مسألة مشكلة عليّ فتبيّن لي أمرها ، فلم أتمالك من السّرور حتّى قمت أدور. فقل له : مثل هذا يكون حالهم.
فلمّا رأيت ذلك منهما تحيّرت كيف أفعل بينهما ، فقلت : لا وجه إلّا الصّدق ، فقلت : إنّ أبا عليّ وصف هذه المجلّدة وقال : احملها إليّ من غير أن تعلم الشّيخ ، وأنا أخافك ، وليس يمكنني مخالفته ، فأيش تأمر؟
فأخرج أجزاء من كلام الحسين بن منصور ، وفيها تصنيف له سمّاه «الصّيهور في نقض الدّهور» ، وقال : احمل هذه إليه.
قال الخطيب (١) : توفّي السّلميّ في شعبان.
قلت : كان وافر الجلالة ، له أملاك ورثها من أمّه ، وورثتها هي من أبيها.
وتصانيفه يقال إنّها ألف جزء. وله كتاب سمّاه «حقائق التّفسير» ليته لم يصنّفه ، فإنّه تحريف وقرمطة ، فدونك الكتاب فسترى العجب.
ورويت عنه تصانيفه وهو حيّ.
وقع لي من عالي حديثه.
٥٨ ـ محمد بن عبد الله بن أحمد (٢).
أبو الفرج الدّمشقيّ العابد المعروف بابن المعلّم الّذي بنى «كهف جبريل» بجبل قاسيون.
حكى عن : أبي يعقوب الأذرعيّ ، وعليّ بن الحسن بن طعّان.
__________________
(١) في تاريخه ٢ / ٢٤٩.
(٢) انظر عن (محمد بن عبد الله بن المعلم) في :
تاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) ٣٨ / ١٧٣ ، ومختصر تاريخ دمشق ٢٢ / ٢٦٢ ، ٢٦٣ رقم ٣٢٩.