ثمّ إنّه بعد مدّة أمر ببناء ما كان أمر بهدمه من الكنائس ، وارتدّ طائفة ممّن أسلم منهم (١).
وكان أبوه قد ابتدأ الجامع الكبير بالقاهرة ، فتمّمه هو (٢). وكان على بنائه ونظره الحافظ عبد الغنيّ بن سعيد (٣).
وكان الحاكم يفعل الشّيء ونقيضه.
خرج عليه أبو ركوة الوليد بن هشام (٤) العثمانيّ الأمويّ الأندلسيّ بنواحي برقة ، فمال إليه خلق عظيم ، فجهّز الحاكم لحربه جيشا ، فانتصر عليهم أبو ركوة وملك. ثمّ تكاثروا عليه وأسروه.
ويقال : إنّه قتل من أصحابه مقدار سبعين ألفا. وحمل إلى الحاكم فذبحه في سنة سبع وتسعين (٥).
وكان مولد الحاكم في سنة خمس وسبعين وثلاثمائة ، وكان يحبّ العزلة ، ويركب على بهيمة وحده في الأسواق ، ويقيم الحسبة بنفسه (٦).
__________________
= افتضحت أسرار العواهر المصريات وأمسين هدفا للعار والشنار ووقع رعب الحاكم على الرجال والنساء أكثر من فرعون».
وأورد «ابن الجوزي» حكاية طريفة عن ذلك في (المنتظم ٧ / ٢٦٩ ـ ٢٧٠) وانظر : وفيات الأعيان ٥ / ٢٩٤ ، واتّعاظ الحنفا ٢ / ١٠٢ ، ١٠٣ ، وبدائع الزهور ج ١ ق ١ / ١٩٩.
(١) تقدّم هذا الخبر قبل قليل.
(٢) وهو الجامع الأزهر المعمور بذكر الله. قال الأنطاكي : «وكان للملكيّة الروم حارة بالقاهرة يسكنون بها ، فأخرجوا منها ، وهدم ما كان لهم فيها من المنازل ، مع كنيستين كانتا بها ، وعملت جميع الحارة مسجدا واحدا ، وسمّاه الأزهر» (تاريخ الأنطاكي ٢٥٣).
(٣) هو الأزدي المصري المتوفى سنة ٤٠٩ ه. وقد تقدّمت ترجمته في الجزء السابق.
(٤) هو : الوليد بن هشام بن عبد الملك بن عبد الرحمن الأموي ، ويكنى أبا ركوة لركوة كان يحملها في أسفاره على طريقة الصوفية. (الكامل في التاريخ ٩ / ١٩٧).
(٥) انظر عن أبي ركوة في :
تاريخ الأنطاكي ٢٥٩ ـ ٢٦٨ ، والمغرب في حلى المغرب ٥٧ و ٧١ ، والمنتظم ٧ / ٢٣٣ ، ٢٣٤ ، والكامل في التاريخ ٩ / ١٩٧ ـ ٢٠٣ ، والمختصر في أخبار البشر ٢ / ١٣٨ ، والبيان المغرب ١ / ٢٥٧ ، ٢٥٨ ، ودول الإسلام ١ / ٢٣٨ ، والعبر ٣ / ٦٢ ، ٦٣ ، وذيل تاريخ دمشق ٦٤ ـ ٦٦ ، والبداية والنهاية ١١ / ٣٣٧ ، وتاريخ ابن خلدون ٤ / ٥٨ ، ٥٩ ، واتّعاظ الحنفا ٢ / ٦٠ ـ ٦٦ ، والمواعظ والاعتبار ٤ / ٧٠ ، والنجوم الزاهرة ٤ / ٢١٥ ـ ٢١٧.
(٦) انظر : تاريخ الأنطاكي ٣٢٩ ، واتّعاظ الحنفا ٢ / ١٠٧ ـ ١١٠.