بفقد الأزيد لعدم اشتهائه له. وعن الثاني أنه يبلغ سرورهم بالشكر على النعمة إلى حد تنتفي المشقة معه. وأما الإخلال بالقبائح فإنه لا مشقة عليهم فيها لأنه تعالى يغنيهم بالثواب ومنافعه عن فعل القبيح فلا تحصل لهم مشقة أما أهل النار فإنهم يلجئون إلى فعل ما يجب عليهم وترك القبائح فلا تصدر عنهم وليس ذلك تكليفا لأنه بالغ حد الإلجاء ويحصل من ذلك نوع من العقاب أيضا.
قال : ويجوز توقف الثواب على شرط وإلا لأثيب العارف بالله تعالى خاصة.
أقول : ذهب جماعة إلى أن الثواب يجوز أن يكون موقوفا على شرط ومنعه آخرون والأول هو الحق والدليل عليه أنه لو لا ذلك لكان العارف بالله تعالى وحده مثابا مع عدم نظره في المعجزة وعدم تصديقه بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والتالي باطل إجماعا فكذا المقدم ، بيان الشرطية أن المعرفة طاعة مستقلة بنفسها فلو لم يتوقف الثواب عليها على شرط لوجبت إثابة من لم يصدق بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث لم ينظر في معجزته.
قال : وهو مشروط بالموافاة لقوله تعالى : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) وقوله تعالى (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ)
أقول : اختلف المعتزلة على أربعة أقوال فقال بعضهم إن الثواب والعقاب يستحقان في وقت وجود الطاعة والمعصية وأبطلوا القول بالموافاة وقال آخرون إنهما يستحقان في الدار الآخرة وقال آخرون إنهما يستحقان حال الاخترام وقال آخرون إنهما يستحقان في الحال بشرط الموافاة فإن كان في علم الله تعالى أنه يوافي الطاعة سليمة إلى حال الموت أو الآخرة استحق بها الثواب في الحال وكذا المعصية وإن كان في علمه تعالى أنه يحبط الطاعة أو يتوب من المعصية قبل الموافاة لم يستحق الثواب ولا العقاب بهما واستدل المصنف ـ رحمهالله ـ على القول بالموافاة بقوله تعالى (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) وبقوله تعالى (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) وتقريره أن نقول إما أن يكون المراد بالإحباط هنا كون العمل باطلا في أصله أو أن الثواب يسقط