العدل هنا فقال أبو هاشم والكعبي إنه يجوز لكنهما اختلفا فقال الكعبي يجوز أن يخرج من الدنيا ولا عوض له يوازي ظلمه وقال إن الله تعالى يتفضل عليه بالعوض المستحق عليه ويدفعه إلى المظلوم ، وقال أبو هاشم لا يجوز بل يجب التبقية لأن الانتصاف واجب والتفضل ليس بواجب فلا يجوز تعليق الواجب بالجائز. قال السيد المرتضى إن التبقية تفضل أيضا فلا يجوز تعليق الانتصاف بها فلهذا وجب العوض في الحال واختاره المصنف ـ رحمهالله ـ لما ذكرناه.
قال : فإن كان المظلوم من أهل الجنة فرق الله تعالى أعواضه على الأوقات أو تفضل عليه بمثلها وإن كان من أهل العقاب أسقط بها جزءا من عقابه بحيث لا يظهر له التخفيف بأن يفرق الناقص على الأوقات.
أقول : لما بين وجوب الانتصاف ذكر كيفية إيصال العوض إلى مستحقه (واعلم) أن المستحق للعوض إما أن يكون مستحقا للجنة أو للنار فإن كان مستحقا للجنة فإن قلنا إن العوض دائم فلا بحث وإن قلنا إنه منقطع توجه الإشكال بأن يقال لو أوصل العوض إليه ثم انقطع عنه حصل له الألم بانقطاعه. والجواب من وجهين : الأول أنه يوصل إليه عوضه متفرقا على الأوقات بحيث لا يبين له انقطاعه فلا يحصل له الألم. الثاني أن يتفضل الله تعالى عليه بعد انقطاعه بمثله دائما فلا يحصل الألم ، وإن كان مستحقا للعقاب جعل الله تعالى عوضه جزءا من عقابه بمعنى أنه يسقط من عقابه بإزاء ما يستحقه من الأعواض إذ لا فرق في العقل بين إيصال النفع ودفع الضرر في الإيثار فإذا خفف عقابه وكانت آلامه عظيمة علم أن آلامه بعد إسقاط ذلك القدر من العقاب أشد ولا يظهر له أنه كان في راحة ، أو نقول إنه تعالى ينقص من آلامه ما يستحقه من أعواضه متفرقا على الأوقات بحيث لا يظهر له الخفة من قبل.
قال : ولا يجب دوامه لحسن الزائد بما يختار معه الألم وإن كان منقطعا ولا يجب حصوله في الدنيا لاحتمال مصلحة التأخير والألم علي القطع ممنوع مع أنه غير محل النزاع.
أقول : لما ذكر وجوب العوض شرع في بيان أحكامه وقد اختلف الشيخان هنا فقال