قال بعضهم : رأيته شرب ليلة ، فخلع مائة خلعة على أهل المجلس ، وعاش نيّفا وخمسين سنة.
ورثاه أبو الحسن محمد بن عمر الأنباريّ بكلمته السّائرة :
علوّ في الحياة وفي الممات |
|
لحقّ أنت إحدى المعجزات |
كأنّ النّاس حولك حين قاموا |
|
وفود ذاك أيّام الصّلات |
كأنّك قائم فيهم خطيبا |
|
وكلّهم قيام للصّلاة |
ولما ضاق بطن الأرض عن أن |
|
يضمّ علاك من بعد الممات |
أصاروا الجوّ قبرك واستنابوا |
|
عن الأكفان ثوب السّافيات |
لعظمك في النّفوس تبيت ترعى |
|
بحفّاظ وحرّاس ثقات |
ولم أر قبل جذعك قطّ جذعا |
|
تمكّن من عناق المكرمات |
في أبيات أخر.
وبقي مصلوبا إلى أن توفّي عضد الدولة ، ولما بلغ عضد الدّولة هذا الشّعر قال : عليّ بقائله ، فاختفى ، ثم سافر بعد عام إلى الصّاحب إسماعيل بن عبّاد ، فقال : أنشدني القصيدة ، فلمّا أتى هذا البيت الأخير ، قام إليه وعانقه ، وقبّل فاه ، وأنفذه إلى عضد الدولة ، فلما مثل بين يديه قال : ما الّذي حملك على مرثيّة عدوّي؟ قال : حقوق سلفت وأياد مضت ، فجاش الحزن في قلبي ، فرثيت. فقال : هل يحضرك شيء في الشّموع ، والشّموع تزهر بين يديه ، فقال :
كأنّ الشّموع وقد أظهرت |
|
من النّار في كلّ رأس سنانا |
أصابع أعدائك الخائفين |
|
تضرع تطلب منك الأمانا |
قال : فأعطاه بدرة وفرسا ، وهو من المقلّين في الشّعر.
محمد بن محمود بن إسحاق (١) النيسابورىّ ، أبو بكر.
__________________
(١) تاريخ بغداد ٣ / ٢٦١ رقم ١٣٥٤.