بالنّفير في الناس ، فخرج من العوامّ خلق عدد الرمل ، ثم جهّز جيشا ، وغزوا فهزموا الروم ، وقتلوا منهم مقتلة كبيرة ، وأسروا أميرهم وجماعة من بطارقته ، وأنفذت رءوس القتلى إلى بغداد ، وفرح المسلمون بنصر الله (١).
وصادروا بختيار بن بويه [وزير] المطيع فقال : أنا ليس لي غير الخطبة ، فإن أحببتم اعتزلت ، فشدّوا عليه حتى باع قماشه ، وحمل أربعمائة ألف درهم ، فأنفقها ابن بويه في أغراضه ، وأهمل الغزو ، وشاع في الألسنة أنّ الخليفة صودر ، كما شاع قبله أن القاهر كدّي يوم جمعة ، فانظر إلى تقلّبات الدهر (٢).
* * *
وفي شهر رمضان قتل رجل من أعوان الوالي في بغداد ، فبعث الرئيس أبو الفضل الشيرازي ـ وكان قد أقامه عزّ الدولة على الوزارة ـ من طرح النّاس من النحّاسين (٣) إلى السمّاكين ، فاحترق حريق عظيم لم يشهد مثله ، وأحرقت أموال عظيمة وجماعة كثيرة من النساء ، والرجال ، والصبيان ، والأطفال في الدّور وفي الحمّامات ، فأحصي ما أحرق (من بغداد) (٤) فكان سبعة عشر [ألفا] (٥) وثلاثمائة دكّان ، وثلاثمائة وعشرين دارا ، أجرة ذلك في الشهر ثلاثة وأربعون ألفا ، ودخل في الجملة ثلاثون (٦) مسجدا.
فقال رجل (٧) لأبي الفضل الشيرازي : أيّها الوزير أرينا قدرتك ، ونحن
__________________
(١) راجع هذه الواقعة في تكملة تاريخ الطبري ١ / ٢١٠ و ٢١١ ، تجارب الأمم ٢ / ٣٠٣ و ٣٠٤ ، المنتظم ٧ / ٦٠ ، الكامل لابن الأثير ٨ / ٦١٨ (حوادث سنة ٣٦١) ، البداية والنهاية ١١ / ٢٧١ و ٢٧٣ (حوادث سنتي ٣٦١ و ٣٦٢ ه.) ، النجوم ٤ / ٦٥ ، دول الإسلام ١ / ٢٢٣.
(٢) راجع في ذلك. تجارب الأمم ٢ / ٣٠٧ ، الكامل لابن الأثير ٨ / ٦١٩ و ٦٢٠ ، البداية والنهاية ١١ / ٢٧٢ ، تاريخ الخلفاء ٤٠٢.
(٣) هكذا في الأصل ، وفي المنتظم «النخّاسين».
(٤) ما بين القوسين عن الهامش.
(٥) ما بين الحاصرتين إضافة من المنتظم ٧ / ٦٠ ويوضح ابن كثير أنهم «سبعة عشر ألف إنسان» ١١ / ٢٧٣ وابن الأثير ٨ / ٦٢٨ وفي العبر ٢ / ٣٢٥ و ٣٢٦ «ثلاثمائة وسبعة عشر دكانا».
(٦) وفي تكملة تاريخ الطبري ١ / ٢١٢ والمنتظم ٧ / ٦٠ والكامل ٨ / ٦٢٨. (ثلاثة وثلاثون).
(٧) هو : أبو أحمد الموسوي. (تكملة الطبري ١ / ٢١٢).