هذا لا تفسد (١) على القوم أمرهم ، فانصرف ، ثم عمل نقفور (٢) دعوة لكبار أهل البلد وخلع عليهم ، وأعطاهم جملة وخفرهم بجيشه حتى حصّلوا ببغراس (٣) ، وحصل منهم خمسة آلاف بأنطاكيّة ، فأكرمهم أهلها. ثم دخلت الروم مدينة طرسوس فأحرقوا المنبر وجعلوا المسجد إصطبلا (٤).
وأما سيف الدولة فإنه سار إلى أرزن (٥) وأرمينية ، وحاصر بدليس (٦) وخلاط ، وبها أخوا نجا غلامه عصيا عليه ، فتملّك المواضع وردّ إلى ميّافارقين (٧). وعمد (٨) أهل أنطاكية وطردوا نائب سيف الدولة عنهم ، وقالوا نداري ببيت المال ملك الروم أو ننزح (٩) عن أنطاكية فلا مقام لنا بعد طرسوس ، ثمّ إنّهم أمّروا عليهم رشيق النّسيميّ (١٠) الّذي كان على طرسوس ، فكاتب ملك الروم على حمل الخراج إليه عن أنطاكية ، فتقرّر الأمر على حمل أربعمائة ألف درهم في السنة ، وجعل على كل رأس من المسلمين والنصارى ثلاثين درهما (١١). والأمر لله.
__________________
(١) في الأصل «يفسد».
(٢) في الأصل «يقفور».
(٣) بفتح الباء الموحّدة وسكون الغين المعجمة وفي آخرها سين مكان الزاي ـ مدينة في لحف جبل اللّكام ، مطلّة على نواحي طرسوس. (معجم البلدان ١ / ٤٦٧) وقد وردت في الأصل «سغراش».
(٤) راجع في ذلك : تكملة تاريخ الطبري ١٩٠ ، تجارب الأمم ٢ / ٢١١ ، ابن الأثير ٨ / ٥٦١ ، المنتظم ٧ / ٢٤ ، العبر ٢ / ٢٩٩ ، دول الإسلام ١ / ٢٢٠ ، البداية والنهاية ١١ / ٢٥٥.
(٥) في الأصل «أررن» والتصويب من تجارب الأمم ـ الحاشية ـ ص ٢١٢ ، نخب تاريخية ١٨٦.
و «أرزن» : بالفتح ثم السكون وفتح الزاي ونون. مدينة مشهورة قرب خلاط ، كانت من أعمر نواحي أرمينية. (معجم البلدان ١ / ١٥٠).
(٦) الأعلاق الخطيرة ـ ج ٣ ق ١ / ٣٠٩.
(٧) بدليس : بالفتح ثم السكون وكسر اللام وياء ساكنة وسين مهملة. بلدة من نواحي أرمينية قرب خلاط ذات بساتين كثيرة. (معجم البلدان ١ / ٣٥٨).
(٨) في الأصل «عمل» ، والتصويب عن تجارب الأمم ، ونخب تاريخية.
(٩) في الأصل «ينزح».
(١٠) انظر عنه : ابن الأثير ٨ / ٥٦١ و ٥٦٢ ، البداية والنهاية ١١ / ٢٥٥ ، معجم البلدان ٤ / ٢٨ ، تجارب الأمم ٢١٤.
(١١) ينفرد الذهبي بين المصادر المتوافرة لدينا بهذا النص.