في قوله تعالى «ويتلوه» باعتبار البيّنة وهو القرآن ، «ويتلوه» على هذا من التلاوة كما اقتضاه خبر البصائر : وأتلوه معه ، وهذا كلّه دليل قاطع على عدم خلوّ الأرض من حجّة الله من آل محمّد كما هو مذهب أصحابنا وقام عليه البرهان ، وهو تالي القرآن من رسول الله على الناس ، ولولاه لم تتمّ الحجّة عليهم.
قال عليّ عليهالسلام في نهج البلاغة : [ثمّ اختار سبحانه لمحمّد صلىاللهعليهوآله لقاءه ، ورضى له ما عنده واكرمه عن دار الدّنيا ، ورغب به عن مقارنة البلوى] فقبضه إليه كريما صلىاللهعليهوآله ، وخلّف فيكم ما خلّفت الأنبياء في اممها [اذ لم يتركوهم هملا بغير طريق واضح ، ولا علم قائم] كتاب ربّكم مبيّنا حلاله وحرامه ، وفرائضه وفضائله ، وناسخه ومنسوخه ... (١)
وأشار إلى كونه شاهدا لرسول صلىاللهعليهوآله في قوله تعالى (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) (٢).
وقد صحّ بنصّ الفريقين أنّ المراد ب (مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، رواه من علماء الجمهور الحافظ أبو نعيم (٣) ، والثعلبيّ (٤) ، وقال الله تعالى في آصف بن برخيا وصيّ سليمان بن داود عليهماالسلام (الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ) ، فيكون وصيّ خاتم الأنبياء هو الّذي عنده علم الكتاب كلّه ، إذ وصيّ كلّ نبيّ قائم مقامه حامل علمه ، وقوله تعالى (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) معناه كما أنزل لا بتحريف ، كما هو دأب علماء الجمهور ممّن يقول بالاجتهاد ، وفيه دلالة على الحاجة إليه في الأمّة ، جوابا عمّن قال «حسبنا كتاب الله» ، يعني ، نعم حسبنا لو وجدنا له مفسّرا
__________________
(١) نهج البلاغة الخطبة الأولى ؛ والفقرات بين المعقوفين لم ترد في المتن ؛ أوردناها من نهج البلاغة إكمالا للمعنى.
(٢) الرعد : ٤٣.
(٣) النور المشتعل ١٢٥.
(٤) تفسير الثعلبيّ ٥ : ٣٠٣.