إِلَيْكَ) ، مؤكّدا بقوله (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) ثمّ مؤكّدا بقوله سبحانه (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) حتّى نزل في البطحاء وأمر بجمع الناس إليه من أمامه وورائه ، وأمر بما تحت الأشجار من الشوك فقمّ ، وأمر أن ينصبوا له من هيئة المنبر من الأحجار أو غيرها ، ثمّ رفع بضبع عليّ وقال ما قال : ثمّ قام عمر واستفهم أنّه من الله أو منه ، ثمّ بخبخ ، ثمّ اعترف بالمولويّة لعليّ عليهالسلام عليه وعلى كلّ مؤمن ومؤمنة.
ثمّ أمر النبيّ صلىاللهعليهوآله بالتسليم على عليّ بإمرة المؤمنين ، وشاع لقبه من ذلك اليوم بلا نكير ، وكان أمير المؤمنين بأمر النبيّ صلىاللهعليهوآله اتّفاقا لا من عند نفسه ؛ كما فعله عمر وغيره من خلفاء بني (١) أميّة وبني العبّاس. ثمّ جاء النعمان بن الحرث الفهريّ اعتراضا على رسول الله أنّه منه أو من الله ، فلمّا قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : إنّه من الله ، قام
__________________
(١) أوّل من لقّب نفسه بأمير المؤمنين هو أبو بكر ، حيث أرسل إلى عليّ بن أبي طالب عليهالسلام للبيعة ؛ روى ذلك المجلسي في بحار الأنوار ٢٨ : ٢٦١ ؛ قال : «فأرسل إليه أبو بكر أجب خليفة رسول الله ، فأتاه الرسول فقال له ذلك ، فقال عليّ عليهالسلام : سبحان الله ، ما أسرع ما كذبتم على رسول الله! إنّه ليعلم ويعلم الّذين حوله أنّ الله ورسوله لم يستخلفا غيرى ؛ وذهب الرسول فأخبره بما قال عليهالسلام ، قال : اذهب فقل له : أجب «أمير المؤمنين أبا بكر» فأتاه فأخبره بما قال ، فقال له عليّ عليهالسلام : «سبحان الله ، ما والله طال العهد فينسى ، فو الله انّه ليعلم أنّ هذا الاسم لا يصلح إلّا لي. ولقد أمره رسول الله وهو سابع سبعة فسلّموا عليّ بإمرة المؤمنين ، فاستفهم هو وصاحبه عمر من بين السبعة ، فقالوا : أحقّ من الله ورسوله؟ فقال لهما رسول الله صلىاللهعليهوآله : نعم حقّا من الله ورسوله أنّه أمير المؤمنين وسيّد المسلمين وصاحب لواء الغرّ المحجّلين يقعده الله يوم القيامة على الصراط ، فيدخل أولياءه الجنّة وأعداءه النار ، فانطلق الرسول فأخبره بما قال. قال : فسكتوا عنه يومهم ذلك. وروى ابن قتيبة ما يقرب منه في الإمامة والسياسة ١٣.
وأمّا من لقّب به عند النّاس عامّة وجعل له كلقب رسميّ فهو عمر بن الخطاب ؛ أخرج الطبري في تاريخه بالإسناد عن حسان الكوفيّ ، قال : لمّا ولى عمر قيل «يا خليفة خليفة رسول الله» ، فقال عمر : هذا أمر يطول ، كلّما جاء خليفة قالوا : «يا خليفة خليفة خليفة رسول الله» ، بل أنتم المؤمنون وأنا أميركم ، فسمّي أمير المؤمنين.
انظر تاريخ الطبري ٤ : ٢٠٨ ؛ مقدّمة ابن خلدون ١ : ٢٨٣ ؛ تاريخ الخلفاء ١٢٩.