على الثمانين ، يكاد جل شعرهم يكون مجهولا ، يعز تتبعه فى المراجع التى بين
أَيدينا ، إِلا ما ندر منها.
كما أَن هذه
الكلمات المستصفاة ، تحمل شروحا لا تنطوى عليها معاجمتا ، وتكاد تكون غريبة عليها
، فهذا التباعد فى الكلمات ومعانيها عما تضمه معاجمنا ، وهذا الانفراد فى الشواهد
التى لا ينتظمها مرجع فى الأكثر ، هذا وذاك مما جعل الأَخذ فى تحقيق هذا الكتاب من
الصعوبة بمكان ، إِذ لابد مع كل كلمة من تقليبها على وجوه مختلفة ، تتفق فى رسمها
مع المعنى الذى يصلها بمعانى فروع أَصلها ، ولا بد من إِقامة الشواهد على استواء
فى المعنى ، إِذ ما أَكثر ما تضلل برسمها فتبدو كأنها مستوية.
فالكتاب فى
جملته يحمل هذه الصورة الغامضة المضللة ، لا يسعفنا فى إِقامته مرجع ، بل لا بد من
تنقيب وتنقيب ، ثم لا بد من معارضة ومعارضة ، ثم لابد من تشكك وتشكك ، وهذا كله
يقتضينا وقفة مع كل كلمة ومع كل عبارة حتى ننتهى إِلى مقنع.
لذا كان
الاجتهاد فى تصويبه حظه أَكثر من حظ المعارضة ، لأَن الكثير من أُصوله مفقود ، فلا
الشعر تحفظه مراجع ، ولا اللغة تفى بها المعاجم التى بين أَيدينا ، وما نقلته مما
جاء فى الكتاب قليل لا يكاد يحصى ، ونحن نرجو أَن نكون بهذا الاجتهاد المضنى ،
وبتلك المعارضة المعيية ، قد قاربنا السداد ، وأَخرجنا الكتاب على صورة قريبة من
الصواب.
والكتاب على
هذا ثروة لغوية جديدة ، وثروة شعرية غريبة ، وما من شك فى أن هذا وذاك سينضاف به
إِلى اللغة والأَدب شىء ، ثم هو يكاد يضع بين أَيدينا الكثير من شعر هذه القبائل
التى سعى أَبو عمرو سعيه فى جمع شعرها ، وكان يكتب ـ كما مر بك ـ مع انتهائه من
جمع شعر كل قبيلة مصحفا بخطه يجعله فى مسجد الكوفة ، شكراً لله على ما أَنعم به
عليه من تمكينه من هذا العمل الذى رآه أَبو عمرو جليلا.
ونظرة أَبى
عمرو هذه إِلى عمله هذا تحفزنا إِلى نظرة منا إِليه مثل نظرته ، كى نفيد من هذا
الجهد ، وستمكن الفهارس ـ التى ستوضع لهذا الكتاب ـ القارئ من من الإفادة منه
إِفادة متنوعة ، نحسب أَنها سوف تحقق الغرض المنشود من وراء نشره.