ويقول ابن مكتوم : سئل بعضهم : لم سمى كتاب الجيم؟ فقال : لأَن أَوله حرف الجيم ، كما سمى كتاب العين ؛ لأَن أَوله حرف العين. قال : فاستحسنا ذلك ، ثم وقفنا على نسخة من الجيم فلم نجده مبتدأً بالجيم.
ولقد تأَثر الذين تحدثوا عن كتاب الجيم للشيبانى بما جاءَ على أَلسنة من تحدثوا عن كتاب الجيم لشمر ، من هذا الضن به على الناس ، ولو أَنهم عادوا شيئا إِلى ما روى عن الشيبانى من سماحه بالرواية عنه ـ وقد قدمنا أَمثلة من ذلك عند الكلام على كتبه ـ لعلموا أَن الرجل لم يكن قد أَكمل بعد هذا الكتاب ولذا لم تكن رواية به ، وليس الأَمر كما يقول أَبو الطيب اللغوى ، ويقول غيره : وأَما كتاب الجيم فلا رواية له ، لأَن أَبا عمرو بخل به عن الناس فلم يقرأه عليه أَحد.
فالكتاب ـ أَعنى كتاب الجيم ، الذى بين أَيدينا ـ خطوة أُولى استصفى فيها أَبو عمرو الكلمات من شعر القبائل الذى جمعه ، ثم ضم إِلى كل كلمة شاهدها ، مصرِّحاً باسم القائل إِن كان ، أَو مشيرا إِلى قبيلته ، إِن فقد اسمه ، وما أَكثر ما جاءَ فى كتاب الجيم : الأَكوعى ، والسعدى ، والطائى ، والعمانى ، وهو لا يريد واحدا بعينه ، وإِنما يريد واحدا منسوبا إِلى قبيلة من هذه القبائل ، ثم ما أَكثر ما نجد فيه : قال رجل من بنى أَبى بكر بن كلاب ، وقال رجل من بنى سعد ، يلجأَ أَبو عمرو إِلى هذا حين يغيب عنه اسم القائل فيجتزىء بذكر اسم القبيلة ، وفقا لشرط الرواية كما قدمنا.
وأَبو عمرو لا شك أَنه انتهى عند هذا الاستصفاء ، الذى نظن أَنه لم يكمله ، لما فى الكتاب من نقص ، وما نظن أَنه عنَّى نفسه بترتيب ما استصفى ، لأَنه لم يكن أَكمله ، كما قلت ، وهذا الترتيب الذى عليه الكتاب ، والذى هو بين أَيدينا ، لا شك من صنع صانع غير أَبى عمرو الشيبانى.
فهذا الترتيب المختل الذى لا تضبطه القواعد الأولى فى سوق ، حروف المعجم ، ثم هذا التكرار للأصل الواحد الذى يأباه أى نظام معجمى ، ثم هذا الإقحام