قالت الإمامية قد أراد الله تعالى من الطاعات ما أراده أنبياؤه وكره ما كرهوه وأراد ما كره الشياطين من الطاعات ولم يرد ما أرادوه من الفواحش.
وقالت الأشاعرة بل قد أراد الله سبحانه ما أرادته الشياطين من الفواحش وكره ما كرهوه من كثير من الطاعات ولم يرد ما أرادته الأنبياء من كثير من الطاعات بل كره ما أرادته منها (١).
وقالت الإمامية قد أمر الله عزوجل بما أراده ونهى عما كرهه.
وقالت الأشاعرة قد أمر الله عزوجل بكثير مما كرهه ونهى عما أراد (٢).
فهذه خلاصة أقاويل الفريقين في عدل الله تعالى.
وقول الإمامية في التوحيد يضاهي قولهم في العدل فإنهم يقولون إن الله عزوجل واحد لا قديم سواه ولا إله غيره ولا يشبه الأشياء ولا يجوز عليه ما يصح عليها من التحرك والسكون وإنه لم يزل ولا يزال حيا قادرا عالما مدركا لا يحتاج إلى أشياء يعلم بها ويقدر ويحيي وإنه خلق الخلق أمرهم ونهاهم ولم يكن آمرا وناهيا قبل خلقه لهم.
__________________
(١) أقول : إذا فرض أن الله تعالى هو الفاعل لأفعال البشر ، ولا مؤثر إلا هو ، فلا بد أن يكون مريدا لما يقع من الفواحش التي هي مراد الشياطين ، ومراد الشياطين مكروه للأنبياء ، وقد أراد الله منهم ما هو مكروه للأنبياء ، وما أراده الأنبياء من الطاعات لم يردها الله تعالى في الشياطين والفساق.
(٢) التفسير الكبير ج ١ ص ١٤٢ ، والفصل لابن حزم ج ١ ص ١٤٢ ، وشرح العقائد ، وفي حاشيته للكستلي ص ١٠٩ ـ ١١٣.