وقد خالفوا النقل فإن الله تعالى عاقب من احتال حيلة محظورة عقوبة شديدة حتى أنه تعالى مسخ من فعله قردة وخنازير حيث إن الله حرم على بني إسرائيل صيد السمك فوضعوا الشباك يوم الجمعة فدخل السمك يوم السبت فأخذوا السمك يوم الأحد فقال الله تعالى (فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ قُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ) (١)
وَقَالَ النَّبِيُّ ص لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا (٢).
ولما نظر محمد بن الحسن الشيباني إلى هذا قال ينبغي أن لا يتوصل إلى المباح بالمعاصي ثم نقض هذا القول فقال لو أن رجلا حضر عند الحاكم وادعى أن فلانة زوجتي وهو يعلم أنه كاذب وشهد له بذلك شاهدان زورا وهما يعلمان ذلك فحكم الحاكم له بها حلت له ظاهرا وباطنا.
وقالوا أيضا لو أن رجلا تزوج امرأة جميلة فرغب فيها أجنبي قبل دخول زوجها بها فأتى هذا الأجنبي فادعاها زوجته وأن زوجها طلقها قبل الدخول بها وتزوج بها وشهد له بذلك شاهد زور وحكم الحاكم بذلك فقد حكمه وحرمت على الأول ظاهرا وباطنا وحلت للمحتال ظاهرا وباطنا هذا مذهبهم لا يختلف الحنفية فيه (٣).
__________________
ـ المبارك : أعد علي ، فأعاد عليه ، فقال : كفر ، كفر. قلت بك كفروا ، وبك اتخذوا الكافر إماما ، قال : ولم؟ قلت : بروايتك عن أبي حنيفة ، قال : أستغفر الله من رواياتي عن أبي حنيفة (راجع تاريخ بغداد ج ٥ ص ٣٥١ وج ١٣ ص ٤١٤) وذكر الخطيب في تاريخه أيضا ج ١٣ ص ٣٧٩ استتابة أبي حنيفة من الكفر عن جمع كثير. وله مثالب أخرى فراجع.
(١) الأعراف : ١٦٦
(٢) النهاية لابن الأثير ج ٢ ص ٤٤٩
(٣) كما وقد ذكر فضل بن روزبهان في كتابه في المقام : اتفاق علماء الحنفية على ذلك ، وروى ابن القيم العديد من موارد حيلهم في كتابه : أعلام الموقعين ج ٤ ص ١٦ و ٤٣ و ٤٤.