٤٣ ـ ذهبت الإمامية إلى وجوب القصر في الصوم على المسافر طاعة. وقال الفقهاء الأربعة إن شاء صام وإن شاء أفطر (١).
وقد خالفوا في ذلك النص قال الله تعالى (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) (٢) وهو ينافي جواز الصوم إجماعا.
وَرَوَى الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ ص خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ وَمَعَهُ عَشَرَةُ آلَافٍ وَذَلِكَ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِ سِنِينَ مِنْ مَقْدَمِهِ لِلْمَدِينَةِ فَسَارَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى مَكَّةَ يَصُومُ وَيَصُومُونَ حَتَّى بَلَغَ الْكُدْيَةَ أَفْطَرَ وَأَفْطَرَ النَّاسُ وَهُوَ مَا بَيْنَ عُسْفَانَ وَقُدَيْدٍ (٣).
وَفِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ خَرَجَ النَّبِيُّ ص وَالنَّاسُ مُخْتَلِفُونَ فَصَائِمٌ وَمُفْطِرٌ فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ دَعَا مَاءً فَوَضَعَهُ عَلَى رَاحِلَتِهِ حَتَّى رَآهُ النَّاسُ ثُمَّ شَرِبَ وَشَرِبَ النَّاسُ مَعَهُ فِي رَمَضَانَ (٤).
وَفِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّ النَّبِيَّ ص خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ فَصَامَ النَّاسُ ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ ثُمَّ شَرِبَ فَقِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ فَقَالَ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ أُولَئِكَ الْعُصَاةُ (٥) وهذا نص في تحريم الصوم.
__________________
(١) بداية المجتهد ج ٥ ص ٧٦ والتفسير الكبير ج ٥ ص ٧٦ والفقه على المذاهب ج ١ ص ٤٧١
(٢) البقرة : ١٨٤
(٣) صحيح البخاري ج ٣ ص ٤٢ والموطأ ج ١ ص ٢٧٥ والتاج الجامع للأصول ج ٢ ص ٧٤ ومسند أحمد ج ١ ص ٢١٩ و ٣٣٤
(٤) ورواه أحمد في المسند ج ٣ ص ٣٢٩ عن جابر ، وفي هامشه منتخب كنز العمال ، عن ابن عباس ص ٢٤٤ بلفظ آخر.
(٥) صحيح مسلم ج ٢ ص ٤٦٥ وبداية المجتهد ج ١ ص ٢٠٧ وكتاب اختلاف الحديث ص ٤٩٣ المطبوع في آخر الأم للشافعي.