فهل يحل لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر قبول هذه الصلاة وكونها مأمورا بها.
٢٤ ـ ذهبت الإمامية إلى أن تعمد الكلام مبطل وإن كان لمصلحتها كقوله لإمامه قد سهوت.
خلافا لمالك فإنه جوزه إذا كان متعلقا لمصلحة الصلاة (١).
__________________
ـ على مذهب أبي حنيفة ، وكان مولعا بعلم الحديث ، وكانوا يسمعون الحديث من الشيوخ بين يديه ، وهو يسمع ، وكان يستفسر الأحاديث ، فوجد أكثرها موافقا لمذهب الشافعي (ر ض) ، فوقع في خلده حكمه فجمع الفقهاء من الفريقين في مرو ، والتمس منهم الكلام في ترجيح المذهبين على الآخر ، فوقع الاتفاق على أن يصلوا بين يديه ركعتين على مذهب الشافعي ، وعلى مذهب أبي حنيفة ، لينظر فيه السلطان ، ويتفكر ، ويختار ما هو أحسنها ، فصلى القفال المروزي بطهارة مسبغة ، وشرائط معتبرة من الطهارة والسترة ، واستقبال القبلة ، وأتى بالأركان والهيئات ، والسنن ، والآداب ، والفرائض على وجوه الكمال والتمام ، وقال : هذه صلاة لا يجوز الإمام الشافعي دونها.
ثم صلى ركعتين على ما يجوز أبو حنيفة ، فلبس جلد كلب مدبوغا ، ثم لطخ ربعه بالنجاسة ، وتوضأ بنبيذ التمر ، وكان في صميم الصيف في المفازة ، واجتمع الذباب ، والبعوض ، وكان وضوؤه منكسا منعكسا ، ثم استقبل القبلة ، وأحرم بالصلاة من غير نية في الوضوء ، وكبر بالفارسية ، ثم قرأ آية بالفارسية : (دوبركك سبز) ، ثم نقر نقرتين كنقرات الديك من غير فصل ، ومن غير ركوع ، وتشهد ، وضرط. وقال : أيها السلطان هذه صلاة أبي حنيفة ، فقال السلطان : لو لم تكن هذه الصلاة صلاة أبي حنيفة لقتلتك ، لأن مثل هذه الصلاة لا يجوزها ذو دين.
فأنكر الحنيفة أن تكون هذه الصلاة صلاة أبي حنيفة ، فأمر القفال بإحضار كتب أبي حنيفة ، وأمر السلطان نصرانيا كاتبا يقرأ المذهبين جميعا ، فوجدت الصلاة على مذهب أبي حنيفة ، على ما حكاه القفال ، فأعرض السلطان ، وتمسك بمذهب الشافعي.
أقول : صحح كتاب وفيات الأعيان وحققه محمد محيي الدين عبد الحميد ، مفتش العلوم الدينية والعربية بالجامع الأزهر ، والمعاهد الدينية ، من غير نكير في الطبعة الأولى المطبوع بمطبعة السعادة سنة ١٣٦٧ ه ـ ١٩٤٨ م.
(١) الفقه على المذاهب ج ١ ص ٢٩٨ وبداية المجتهد ج ١ ص ٩٣