في كل مسألة حكما معينا وله عليه دليل إما قطعي أو ظني وأن المقصر في اجتهاده عن تحصيل ذلك الدليل آثم.
وخالف فيه جماعة.
واضطرب كلام الفقهاء الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد فتارة قالوا بالتصويب لكل مجتهد وتارة قالوا كقولنا إن الأحكام تابعة للمصالح (١) والوجوه التي تقع عليها وذلك لا يكون إلا واحدا.
ولأنه لو كان كل مجتهد مصيبا لزم اجتماع النقيضين لأن المجتهد إذا غلب على ظنه أن الحكم هو الحل فلو قطع بأنه مصيب لزم منه القطع بالمظنون.
وللإجماع من الصحابة على إطلاق لفظ الخطإ في الاجتهاد.
وقال أبو بكر في الكلالة إني سأقول فيها برأي فإن يك صوابا فمن الله وإن يك خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريئان منه (٢).
وقال عمر لكاتبه اكتب هذا ما رأى عمر فإن كان خطأ فمنه وإن كان صوابا فمن الله (٣).
وردت عليه امرأة في المغالاة بالمهور إذ قال لا تغالوا في مهور نسائكم فقالت امرأة أنتبع قولك أم قول الله (وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً) (٤) فقال امرأة أصابت وأمير أخطأ (٥).
__________________
(١) العقائد للنسفي ، وشرحه للتفتازاني ص ١٨٨ ، والمستصفى ج ٢ ص ١٠٨ وأحكام القرآن للجصاص ج ٣ ص ٢٠٣ وذكره في شرح العضدي.
(٢) تفسير الخازن ج ١ ص ٣٥٥ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٦ ص ٢٢٣ وسنن الدارمي ج ٢ ص ٣٦٥
(٣) أعلام الموقعين لابن قيم الجوزية ج ١ ص ٥٤ وفيه روايات عن عمر في ذم القياس والعمل بالرأي ، وقال : أسانيد هذه الآثار عن عمر في غاية الصحة.
(٤) النساء : ٢٠
(٥) تفسير الخازن وفي هامشه النسفي ج ١ ص ٣٦١ والدر المنثور ج ٢ ص ١٣٣