أَصْحَابِكَ وَاللهِ لَوْ أَنَّ لِي طِلَاعَ الْأَرْضِ ذَهَباً لَافْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ عَذَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ قَبْلَ أَنْ أَرَاهُ (١).
وهذا اعتراف منه حال الاحتضار بأنه وقع منه ما يستوجب به المؤاخذة في حق بني هاشم وأنه تمنى أن يفتدي بملء الأرض ذهبا من عذاب الله لأجل ما جرى منه في حقهم.
وَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي رِوَايَةِ سَالِمٍ عَنْهُ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَقَالَتْ أَعَلِمْتَ أَنَّ أَبَاكَ غَيْرُ مُسْتَخْلِفٍ فَقُلْتُ مَا كَانَ لِيَفْعَلَ قَالَتْ إِنَّهُ فَاعِلٌ قَالَ فَحَلَفْتُ أَنْ أُكَلِّمَهُ فِي ذَلِكَ فَسَكَتَ حَتَّى غَدَوْتُ وَلَمْ أُكَلِّمْهُ وَكُنْتُ كَأَنَّمَا أَحْمِلُ بِيَمِينِي جَبَلاً حَتَّى رَجَعْتُ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَسَأَلَنِي عَنْ حَالِ النَّاسِ وَأَنَا أُخْبِرُهُ قَالَ ثُمَّ قُلْتُ سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ مَقَالَةً فَآلَيْتُ أَنْ أَقُولَهَا لَكَ زَعَمُوا أَنَّكَ غَيْرُ مُسْتَخْلِفٍ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ رَاعِي غَنَمٍ أَوْ رَاعِي إِبِلٍ ثُمَّ جَاءَ وَتَرَكَهَا لَرَأَيْتُ أَنَّهُ قَدْ ضَيَّعَ فَرِعَايَةُ النَّاسِ أَشَدُّ قَالَ فَوَافَقَهُ قَوْلِي فَوَضَعَ رَأْسَهُ سَاعَةً ثُمَّ رَفَعَهُ إِلَيَّ فَقَالَ إِنَّ اللهَ يَحْفَظُ دِينَهُ وَإِنِّي لَئِنْ لَا أَسْتَخْلِفُ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ ص لَمْ يَسْتَخْلِفْ وَإِنْ أَسْتَخْلِفُ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ قَدِ اسْتَخْلَفَ فَقَالَ وَاللهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ ذَكَرَ رَسُولَ اللهِ ص وَأَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ لَمْ يَكُنْ لِيَعْدِلَ بِرَسُولِ اللهِ ص أَحَداً وَإِنَّهُ غَيْرُ مُسْتَخْلِفٍ (٢).
وهذا يدل على اعتراف عبد الله بن عمر بما تشهد به العقول من أن المتولي لأمور الناس إذا تركهم بغير وصية يكون قد ضيع أمورهم وقد شهد على رسول الله ص أنه قبض ولم يستخلف وضيع الناس وأن عمر وافق ابنه ثم عدل عنه.
__________________
(١) ورواه في البخاري ج ٥ ص ١٦ وفي المستدرك ج ٣ ص ٩٢ وتلخيصه للذهبي ، وتاريخ الخلفاء ص ١٣٤.
(٢) صحيح مسلم ج ٢ ص ١٩٢