عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا احْتُضِرَ النَّبِيُّ ص وَفِي بَيْتِهِ رِجَالٌ مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ النَّبِيُّ ص هَلُمُّوا أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَاباً لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْوَجَعُ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَهْجُرُ حَسْبُكُمْ كِتَابَ اللهِ : وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ لَيَهْجُرُ : قَالَ الْحُمَيْدِيُّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ فَاخْتَلَفَ الْحَاضِرُونَ عِنْدَ النَّبِيِّ ص فَبَعْضُهُمْ يَقُولُ الْقَوْلُ مَا قَالَهُ النَّبِيُّ ص وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ الْقَوْلُ مَا قَالَهُ عُمَرُ فَلَمَّا أَكْثَرُوا اللَّغَطَ وَالِاخْتِلَافَ قَالَ النَّبِيُّ ص قُومُوا عَنِّي وَلَا يَنْبَغِي عِنْدِي التَّنَازُعُ.
وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ يَبْكِي حَتَّى تَبُلَّ دُمُوعُهُ الْحَصَى وَيَقُولُ يَوْمُ الْخَمِيسِ وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسِ وَكَانَ يَقُولُ الرَّزِيَّةُ كُلُّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ ص وَبَيْنَ كِتَابِهِ.
فلينظر العاقل إلى ما تضمنه هذا الحديث من سوء أدب الجماعة في حق نبيهم وقد قال الله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ) (١) الآية ثم إنه ص لما أراد إرشادهم وحصول الألفة بينهم بحيث لا تقع بينهم العداوة والبغضاء منعه عمر من ذلك وصده عنه ومع هذا لم يقتصر على مخالفته حتى شتمه وقال إنه يهذي والله يقول (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) (٢)
وبالخصوص مثل هذا الكتاب النافي للضلال.
وكيف يحسن مع عظمة رسول الله ص وأمر الله تعالى الخلق بتوقيره وتعظيمه وإطاعته في أوامره ونواهيه أن يقول له بعض أتباعه إنه يهذي مقابلا في وجهه بذلك.
__________________
(١) الحجرات : ٢
(٢) النجم : ٢ و ٣