قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَاللهِ مَا قَتَلَ ذَلِكَ الرَّجُلَ إِلَّا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع يَوْمَ صِفِّينَ ثُمَّ قَالَ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيُ الْقَتْلِ وَيُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ بِقِتَالِهِ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام.(١)
فلينظر العاقل إلى ما تضمنه هذا الحديث المشهور المنقول من أن أبا بكر وعمر و
لم يقبلا أمر النبي ص ولم يقبلا قوله واعتذر بأنه يصلي ويسجد ولم يعلما أن النبي ص أعرف بما هو عليه منهما ولو لم يكن مستحقا للقتل لم يأمر الله نبيه بذلك وكيف ظهر إنكار النبي ص على أبي بكر بقوله لست بصاحبه وامتنع عمر من قتله ومع ذلك فإن النبي ص حكم بأنه لو قتل لم يقع بين أمته اختلاف أبدا وكرر الأمر بقتله ثلاث مرات عقيب الإنكار على الشيخين وحكم ص بأن أمته ستفترق ثلاثا وسبعين فرقة اثنتان وسبعون منها في النار وأصل هذا بقاء ذلك الرجل الذي أمر النبي ص الشيخين بقتله فلم يقتلاه فكيف يجوز للعامي تقليد من يخالف أمر رسول الله ص.
قول عمر : إن النبي ليهجر
وَهَذَا كَمَا رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ (٢) وَالْحُمَيْدِيُّ فِي مُسْنَدِ عَبْدِ اللهِ بْنِ
__________________
(١) ورواه أحمد في مسنده عن أبي سعيد ج ٣ ص ١٥ ، وابن عبد ربه في العقد الفريد ج ١ ص ٣٠٥ وابن حجر في الإصابة ج ١ ص ٤٨٤ إلا أن في حديث المصنف وأحمد : أن النبي (ص) أمر كلا من أبي بكر ، وعمر ، وعليا بقتله.
وفي حديث ابن عبد ربه وابن حجر : أن النبي (ص) قال : أيكم يقوم فيقتله.
وقال ابن حجر : ولقصة ذي الثدية طرق كثيرة جدا ، استوعبها محمد بن قدامة في كتاب الخوارج. (إلى أن قال : ولذلك) قلت : وللقضية الأولى شاهدان عند محمد بن قدامة : أحدهما : من مرسل الحسن ، فذكر شبيها بالقصة ، والآخر : من طريق مسلمة بن بكرة ، عن أبيه ، عن محمد بن قدامة. وذكرها الحاكم في المستدرك ، ولم يسم الرجل فيهما.
(٢) وقد أسلفنا ما هو التحقيق في سند ومتن ذلك الحديث ، فراجع. وذكره المصنف هاهنا في ما جاء في عمر بن الخطاب ، وأعاده ثانيا ، لما فيه من الطعن بالصحابة ، من حيث موافقتهم له في شمّ النبي (ص) ، ورد أمره ، ومن حيث تأميرهم لمثله. وراجع : مسند ج ١ ص ٢٢٢ ، ٣٢٥ ، ٣٥٥