ثمّ دخل بغداد فسمع : محمد بن إسحاق الصّغانيّ ، وعبّاس بن محمد الدّوريّ ، ومحمد بن عبيد الله بن المنادي ، ويحيى بن جعفر ، وحنبل بن إسحاق ، وأكثر عنهما.
خرج علينا في ربيع الأوّل سنة أربع وأربعين ، فلمّا نظر إلى كثرة النّاس والغرباء وقد امتلأت السّكّة بهم ، وقد قاموا يطرّقون له ويحملونه على عواتقهم من داره إلى مسجده. فجلس على جدار المسجد وبكى ، ثمّ نظر إلى المستملي فقال : اكتب. سمعت الصّغانيّ يقول : سمعت الأشجّ يقول : سمعت عبد الله بن إدريس يقول : أتيت باب الأعمش بعد موته فدققت الباب ، فأجابتني امرأة : هاي هاي ، تبكي يعني ، وقالت : يا عبد الله ما فعل جماهير العرب الّتي كانت تأتي هذا الباب؟
ثمّ بكى الكثير ، ثمّ قال : كأنّي بهذه السّكّة ولا يدخلها أحد منكم فإنّي لا أسمع ، وقد ضعف البصر ، وحان الرحيل ، وانقضى الأجل. فما كان بعد شهر أو أقلّ حتّى كفّ بصره وانقطعت الرحلة ، ورجع امره إلى أنّه كان يناول قلما ، فإذا أخذه بيده علم أنّهم يطلبون الرّواية فيقول : ثنا الربيع بن سليمان ، ويسرد أحاديث يحفظها وهي أربعة عشر حديثا وسبع حكايات. وصار بأسوإ حال.
وتوفّي في ربيع الآخر سنة ستّ وأربعين.
وقد ثنا عنه : أبو عبد الله محمد بن يعقوب الأخرم ، وأبو بكر بن إسحاق ، ويحيى العنبريّ ، وعبد الله بن سعد ، وأبو الوليد حسّان بن محمد ، وأبو عليّ الحافظ.
وحدّث عنه جماعة لم أدركهم : أبو عمرو الحيريّ ، ومؤمّل بن الحسن ، وأبو عليّ محمد بن عبد الوهّاب الثّقفيّ.
قلت : وروى عنه : الحاكم فأكثر عنه ، وأبو عبد الله بن مندة ، وأبو عبد الرحمن السّلميّ ، وأبو بكر الحيريّ ، وأبو سعيد الصّيرفيّ ، وأبو صادق محمد بن أحمد بن أبي الفوارس العطّار ، ومحمد بن إبراهيم المزكّي ، ومحمد بن إبراهيم الجرجانيّ ، وأبو بكر محمد بن محمد بن رجاء ، وعبد الرحمن بن محمد بن