وكان نسيج وحده في حفظ القرآن واللّغة والتّوسّع في علم الفقه.
وكانت له حلقة من سنين كثيرة يغشاها المسلمون. وكان جدّا كلّه رحمهالله ، فما خلّف بمصر بعده مثله.
وكان عالما أيضا بالحديث ، والأسماء ، والرّجال ، والتّاريخ.
قال ابن زولاق في كتاب «قضاة مصر» : ولمّا كان في شوّال سنة أربع وعشرين وثلاثمائة سلّم محمد بن طغج الإخشيد قضاء مصر إلى أبي بكر الحدّاد (١). وكان أيضا ينظر في المظالم ويوقّع فيها (٢). ونظر في الحكم خلافة عن الحسين بن محمد بن أبي زرعة محمد بن عثمان الدّمشقيّ ، وهو لا ينظر ، وكان يجلس في الجامع وفي داره. وربّما جلس في دار ابن أبي زرعة ووقّع في الأحكام ، وكاتب خلفاء النّواحي (٣).
وذكر من أوصافه الجميلة ما تقدّم. وأنّه كان حسن الثّياب رفيعها ، حسن المركوب ، فصيحا غير مطعون عليه في لفظ ولا فضل ، ثقة في اليد والفرج واللّسان ، مجتمعا على صيانته وطهارته. كان من محاسن مصر ، حاذقا ، يعلم القضاء. أخذ ذلك عن أبي عبيد القاضي.
إلى أن قال : وكلّ من وقف على ما ذكرناه يقول : صدقت.
ولد في رمضان سنة أربع وستّين ومائتين ، وكتب عن طائفة ، وعوّل على النّسائيّ وأخذ عنه علم الحديث.
وأخذ الفقه عن أبي سعيد محمد بن عقيل الفريابيّ ، وعن بشر بن نصر غلام عرف ، وعن منصور بن إسماعيل ، وابن بحر.
وأخذ العربيّة عن : محمد بن ولّاد.
وكان لمحبّته للحديث لا يدع المذاكرة. وكان ينقطع إليه أبو منصور محمد بن سعد الباروديّ الحافظ ، فأكثر عنه في مصنّفاته. فذاكره يوما بأحاديث
__________________
(١) الولاة والقضاة للكندي ٤٨٦ ، ٤٨٧ و ٥٤٢ عن : رفع الإصر ، و ٥٥٢.
(٢) الولاة والقضاة ٤٩١ (سنة ٣٣٣ ه).
(٣) الولاة والقضاة ٥٥٢.