وخرج إلى الشام سنة ثمان وستّين ، فلقي قاضيها أبا خازم فتفقّه به وبغيره.
قال ابن يونس : ولد سنة تسع وثلاثين ومائتين ، وتوفّي في مستهلّ ذي القعدة.
قال : وكان ثقة ثبتا ، فقيها عاقلا. لم يخلّف مثله.
وقال أبو إسحاق الشّيرازيّ (١) : انتهت إلى أبي جعفر رئاسة أصحاب أبي حنيفة بمصر. أخذ العلم عن أبي جعفر أحمد بن أبي عمران ، وأبي خازم ، وغيّرهما.
وكان شافعيّا يقرأ على المزنيّ ، فقال له يوما : والله لا جاء منك شيء.
فغضب من ذلك ، وانتقل إلى ابن أبي عمران. فلما صنّف مختصره قال :
رحم الله أبا إبراهيم ، لو كان حيّا لكفّر عن يمينه.
ومن نظر في تصانيف أبي جعفر رحمهالله علم محلّه من العلم وسعة معرفته. وقد ناب في القضاء عن أبي عبيد الله محمد بن عبده قاضي الدّيار المصريّة سنة نيّف وسبعين ومائتين. وترقّت حاله فحدّث أنّه حضر رجل معتبر عند القاضي محمد بن عبده فقال : أيش روى أبو عبيده بن عبد الله بن مسعود ، عن أمّه ، عن أبيه؟
فقلت أنا : حدّثنا بكّار بن قتيبة : نا أبو أحمد الزّبيريّ ، ثنا سفيان ، عن عبد الأعلى التّغلبيّ ، عن أبي عبيدة ، عن أمّه ، عن أبيه ، أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّ الله ليغار للمؤمن فليغر» (٢).
وثنا به إبراهيم بن داود : ثنا سفيان بن وكيع ، عن أبيه ، عن سفيان موقوفا.
فقال لي الرجل : تدري ما تقول؟ تدري ما تتكلّم به؟
فقلت له : ما الخبر؟
__________________
(١) في طبقات الفقهاء ١٤٢.
(٢)
أخرج البخاري نحوه في : النكاح ٩ / ٢٨٠ باب الغيرة ، ومسلم في التوبة (٢٧٦) باب : غيرة الله تعالى. والترمذي (٣٥٣٠) ، وأحمد في المسند ١ / ٣٨١ و ٤٢٥ و ٤٣٦ من طريق : أبي وائل شقيق بن سلمة عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما من أحد أغير من الله من أجل ذلك حرّم الفواحش».