أخذ الحاجّ يقول : يا قوم ، إن كان يحتاج إلى معونة بمائة ألف دينار ومائة ألف دينار خمس مرّات عاونته.
قال ابن بطّة : لو أرادها حصّلها من النّاس (١).
وقال أبو الحسين بن الفرّاء : كان للبربهاريّ مجالدات ومقامات في الدّين كبيرة ، وكان المخالفون يغيظون قلب السّلطان عليه. ففي سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة أرادوا حبسه ، فاستتر وقبض على جماعة من كبار أصحابه ، وحملوا إلى البصرة ، فعاقب الله الوزير ابن مقلة وسخط عليه الخليفة وأحرق داره ، ثمّ سملت عينا الخليفة في جمادى الآخرة سنة اثنتين وعشرين. وأعاد الله البربهاريّ إلى حشمته وزادت ، حتّى أنّه لمّا حضر جنازة نفطويه النّحويّ تقدّم في الصّلاة عليه ، وعظم جاهه ، وكثر أصحابه ، فبلغنا أنّه اجتاز بالجانب الغربيّ ، فعطس ، فشمّته أصحابه ، فارتفعت صيحتهم حتّى سمعها الخليفة وهو في روشن فسأل : ما ذا؟
فأخبر بالحال ، فاستهولها.
ثمّ لم تزل المبتدعة يوحشوا قلب الرّاضي بالله عليه إلى أن نودي في بغداد أن لا يجتمع من أصحاب البربهاريّ نفسان. فاختفى البربهاريّ إلى أن توفّي مستترا في رجب من هذه السّنة ، ودفن بدار أخت توزون مختفيا.
فقيل إنّه لما كفّن وعنده الخادم صلّى عليه وحده ، فنظرت من الرّوشن ستّ الخادم ، فرأت البيت ملآن رجالا بثياب بيض ، يصلّون عليه. فخافت وطلبت الخادم تهدّده ، كيف أذن للنّاس. فحلف أنّ الباب لم يفتح (٢).
ويقال : إنّه تنزّه عن ميراث أبيه لم يأخذه ، وكان سبعين ألفا (٣).
قال ابن النّجّار : روى عنه : أبو بكر محمد بن محمد بن عثمان المغربيّ ، وأبو الحسين بن سمعون ، وابن بطّة.
فعن ابن سمعون أنّه سمع البربهاريّ يقول : رأيت بالشّام صومعة بها راهب منقطع ، وحولها رهبان يستلمونها ويتمسّحون بها لأجل الرّاهب ، فقلت لحدث
__________________
(١) طبقات الحنابلة ٢ / ٤٣.
(٢) طبقات الحنابلة ٢ / ٤٤ ، ٤٥.
(٣) طبقات الحنابلة ٢ / ٤٣.