وبها قبور كبارهم. وكانت دولة عبيد الله بضعا وعشرين سنة. ويا حبّذا لو كان رافضيّا ، ولكنّه زنديق.
وحكى الوزير القفطيّ في سيرة بني عبيد قال : كان أبو عبد الله الشّيعيّ أحد الدّواهي. وذلك أنّه جمع مشايخ كتامة وقال : إنّ الإمام كان بسلمية قد نزل عند يهوديّ عطار يعرف بعبيد ، فقام به وكتم أمره. ثمّ مات عبيد عن ولدين فأسلما وأمّهما على يد الإمام وتزوّج بها ، وبقي مستترا والأخوان في دكان العطر. فولدت للإمام ابنين فعند اجتماعي به سألت : أيّ الابنين إمامي بعدك؟
فقال : من أتاك منهما فهو إمامك.
فسيّرت أخي لإحضارهما ، فوجدت أباهما قد مات هو وأحد الولدين ووجد هذا فأتى به. وقد خفت أن يكون هذا أحد ابني عبيد.
فقالوا : وما أنكرت منه؟
قال : إنّ الإمام يعلم الكائنات قبل وقوعها. وهذا قد دخل معه بولدين ونصّ الأمر في الصّغير بعده ، ومات بعد عشرين يوما. ولو كان إماما لعلم بموته.
قالوا : ثم ما ذا؟
قال : والإمام لا يلبس الحرير ولا الذّهب وقد لبسهما. وليس له أن يطأ إلّا ما تحقّق أمره ، وهذا قد وطئ نساء زيادة الله.
فتشكّكت كتامة في أمره ، وقالوا : ما ترى؟ قال : قبضه ونسيّر من يكشف لنا عن أولاد الإمام على الحقيقة.
فأجمعوا أمرهم. وخفّ هارون بن يوسف كبير كتامة فواجه المهديّ.
وقال : قد شككنا فيك فأت بآية. فأجابه بأجوبة قبلها عقله ، وقال : إنّكم تيقّنتم واليقين لا يزول بالشّكّ. وإنّ الطّفل لم يمت وإنّه إمامك. وإنّما الأئمة ينتقلون.
وقد انتقل لإصلاح جهة اخرى.
فقال : آمنت. فلبسك الحرير؟
قال : أنا نائب للمشرّع أحلّل لنفسي ما أريد ، وكلّ الأموال لي. وزيادة الله كان غاصبا.