الآخرين إلا منطق الذئاب ، وأما منطق الإنسان فيبتني على العقل والعلم فحسب.
إن منطق العقل ، والالتفات إلى حقيقتنا ، يدعونا إلى اتّباع الحق ، لا اتباع هوى النفس ، إن أنواع الشهوات وحبّ الذات والأنانية ، تعتبر حسب منطق العقل الإنساني جزء من عالم الطبيعة وليس لها أيّ استقلال ، وعلى خلاف ما يتصوره الإنسان من أنه هو الحاكم للطبيعة والكون ، ويظن أن الطبيعة الطاغية يجب أن تكون أداه طيّعة له.
إن منطق العقل يدعو الإنسان إلى التفكر والتعلق في هذه الحياة الغابرة كي يتضح أن الوجود وما فيه لم يكن ليوجد من تلقاء نفسه ، بل أن الكون وما فيه يستلهم وجوده من منبع ومصدر غير متناه.
ولكي يظهر جليا فإن الجمال والقبح والكائنات الأرضية والسماوية والتي تظهر بصورها الواقعية المستقلة في نظر الإنسان ، ما هي إلا حقائق ظهرت تلك إلى الوجود بوجود حقائق أخري ، وما ظهورها إلا ظهور تلك الحقائق وليست حقائقها من أنفسها ، وكما أن الواقعيات والقدرات العظيمة التي كانت تتمتع بالوجود أمس لم تصبح إلا أسطورة ، فكذلك الواقعيات اليوم أيضا ، والنتيجة أن كل شيء في حدوده وعند نفسه لا يتجاوز الأسطورة؟
إن الله جلّ وعلا هو الحقيقة التي لا تزول ، وكل ما في الوجود يستمد وجوده منه ، ولو لا وجود الله لما ظهر إلى الوجود.