أن القرآن الكريم قد فرض على الأمة الإسلامية اتباع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأنه مفروض الطاعة ، وكلامه عدل للقرآن. والناس ليس لهم أيّ اجتهاد أو اختيار أمام حكم الله ورسول.
ثالثا : إن ما حدث في مرض الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قد حدث أيضا في مرض الخليفة الأول ، عند ما كان يوصي إلى الخليفة الثاني من بعده ، وعثمان حاضر يحرّر ما يملي عليه الخليفة الأول ، إذ أغمي على الخليفة ، والخليفة الثاني لم يعترض عليه كما اعترض على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (١).
وفضلا عن هذا كله ، فإن الخليفة الثاني قد اعترف في حديث له لابن عباس قائلا (٢). إنني أدركت أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يريد أن يوصي لعلي ، إلا أن مصلحة المسلمين كانت تستدعي ذلك ، ويقول أيضا ، أن الخلافة كانت لعلي (٣) ، فإذا ما كانت الخلافة صائرة إليه ، لفرض على الناس اتّباع الحق ، ولم ترضخ قريش لهذا الأمر ، فرأيت من المصلحة ألا ينالها ، ونحيّته عنها.
علما بأن الموازين الدينيّة تصرّح أن المتخلف عن الحقّ يجب أن يعود إليه ، لا أن يترك الحق لصالح المتخلف.
ومما تتناقله كتب التاريخ ، إن الخليفة الأول أمر بمحاربة القبائل المسلمة التي امتنعت عن إعطاء الزكاة ، قال : «والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدّونه إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لأقاتلنهم على منعه» (٤).
__________________
(١) الكامل لابن الأثير ج ٢ : ٢٩٢.
(٢) شرح ابن أبي الحديد ج ٢ : ١٣٤.
(٣) تاريخ اليعقوبي ج ٢ : ١٣٧.
(٤) البداية والنهاية ج ٦ : ٣١١.