حادثة قبل حدوث
البدن ، كما هو رأي بعض المليين. أن ذلك إنما يرد لو جعلت المصورة من قوى النفس
الناطقة للمولود ، وأما لو جعلت من قوى نفسه النباتية ، المغايرة بالذات لنفسه
الناطقة ، كما هو رأى البعض ، أو من قوى النفس الناطقة للأم ، فلا إشكال ، إلا أن
كلامهم مضطرب في ذلك ، على ما يشعر به اضطرابهم في أن الجامع لأجزاء البدن ، هل هو الحافظ لها أم لا ، وفي أنه
نفس المولود أم غيرها ، فذكر الإمام. أن الجامع لأجزاء النطفة نفس الوالدين ، ثم
أنه يبقى ذلك المزاج في تدبير نفس الأم إلى أن يستعد لقبول نفس ، ثم إنها تصير بعد
حدوثها ، حافظة له ، وجامعة لسائر الأجزاء بطريق إيراد الغذاء.
ونقل عن ابن سينا
أن الجامع لأجزاء بدن الجنين نفس الوالدين ، والحافظ لذلك الاجتماع أولا القوة
المصورة لذلك البدن ، ثم نفسه الناطقة ، وتلك القوة ليست واحدة في جميع الأحوال ،
بل هي قوى متعاقبة بحسب الاستعدادات المختلفة لمادة الجنين. وذكر في الشفاء أن
النفس التي لكل حيوان هي جامعة أسطقسات بدنه ، ومؤلفتها ومركبتها على نحو يصلح معه
ان يكون بدنا لها ، وهي حافظة لهذا البدن على النظام الذي ينبغي ، والأشبه بمقتضى
قواعدهم ما ذكر في شرح الإشارات ، وهي أن نفس الأبوين تجمع بالقوة الجاذبة ، أجزاء غذائية
، ثم تجعلها أخلالها ، وتفرد منها بالقوة المولدة مادة المنى ، وتجعلها مستعدة لقبول قوة من
شأنها إعداد المادة لصيرورتها إنسانا ، فتصير بتلك القوة منيا! وتلك القوة تكون
صورة حافظة لمزاج المنى كالصورة المعدنية ، ثم إن المنى يتزايد كمالا في
__________________