وصنف منهم قالوا بالارجاء والجبر ، على مذهب جهم. فهم معدودون في الجهمية.
والصنف الثالث منهم مرجئة خالصة عن القدر والجبر ، وانما ضلت هذه الطائفة بالارجاء دون غيره. وهي فيما بينها خمس فرق ، تكفر بعضها بعضا. وهم : اليونسية ، والغسّانية ، والثوبانية ، والتومنية ، والمريسية.
واختلفوا في وجه تسميتهم ، فزعم الكعبي في «مقالاته» انهم مرجئة لتركهم القطع على عقاب من لم يتب عن كبيرة حتى / مات. وهذا خطأ منه ، لان الذين يرجون لاهل الكبائر من هذه المغفرة رجايته غير مرجئة. وانما المرجئة الذين اخروا العمل عن الايمان ، دليله قول الله تعالى ، فيما حكاه عن قوم فرعون ، انهم قالوا : ارجأه وآخره (١) ، اي أخره الى إن يجتمع السحرة عندك (٢). وقولي ارجأه بغيرهم ، وهو كالاول في المعنى. يقال منه ارجئت الامر وارجأته ، اي آخرته ، ودليله أيضا من السنة قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «لعنت المرجئة على لسان سبعين نبيا». قيل : «يا رسول الله ، من المرجئة؟» فقال : «الذين يقولون الايمان كلام». وفي هذا دليل على انهم (٣) المرجئة الذين اخروا العمل على الايمان.
ذكر اليونسية منهم
هؤلاء اتباع يونس بن عون الذي زعم ان الايمان في القلب واللسان ، وانه / هو المعرفة بالله تعالى ، والخضوع له ، والمحبة له ، والاقرار بانه واحد ، (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (٤) ، ما لم يقم عليه حجة الأنبياء ، عليهمالسلام. فان قامت عليهم حجتهم كالتصديق لهم ، ومعرفة ما جاء من عندهم في الجملة من الايمان. وليست معرفة تفضيل ما جاء من عنده ايمانا ، ولا من جملته. وقالوا : ليس كل خصلة
__________________
(١) جاء في المخطوط : ارجه واخاه ، وهذا خطأ من الناسخ.
(٢) لم يرد ذكر هذا القول عن قوم فرعون في كتاب «الفرق بين الفرق» ـ (راجع ط. الكوثري ص ١٢٢ وطبعة عبد الحميد ص ٢٠٢ ، ط. بدر ص ١٩٠) ولكن ورد قول النبي (ص) في كتاب «الفرق» : لعنت المرجئة على لسان سبعين نبيا.
(٣) ورد في المخطوط : ان.
(٤) سورة الشورى : مكية ١١.