ولا يستفزّه الغضب عليهم ، ولكنه جعل لكل شىء مقدارا فهو منته إليه.
وفي حديث صلاة الجماعة «ليَلِنِي (١) منكم أولو الأَحْلَام والنّهى» أى ذوو الألباب ، العقول ، واحدها حِلْم بالكسر ، وكأنه من الحِلْم : الأناة والتّثبّت في الأمور ، وذلك من شعار العقلاء.
(ه) وفي حديث معاذ رضى الله عنه «أمره أن يأخذ من كل حَالِم دينارا»
يعنى الجزية أراد بالحَالم : من بلغ الحُلُم وجرى عليه حكم الرجال ، سواء احتلم أو لم يحتلم.
(س) ومنه الحديث «غسل الجمعة واجب على كل حَالِم» وفي رواية «على كل مُحْتَلِم» أى بالغ مدرك.
(س) وفيه «الرؤيا من الله والحُلْم من الشيطان» الرّؤيا والحُلْم عبارة عما يراه النائم في نومه من الأشياء ، لكن غلبت الرؤيا على ما يراه من الخير والشىء الحسن ، وغلب الحُلْم على ما يراه من الشر والقبيح.
ومنه قوله تعالى (أَضْغاثُ أَحْلامٍ) ويستعمل كلّ واحد منهما موضع الآخر ، وتضم لام الحُلُم وتسكّن.
(س) ومنه الحديث «من تَحَلّمَ كلّف أن يعقد بين شعيرتين» أى قال إنه رأى في النوم ما لم يره. يقال حَلَمَ بالفتح إذا رأى ، وتَحَلَّمَ إذا ادّعى الرؤيا كاذبا.
إن قيل : إنّ كذب الكاذب في منامه لا يزيد على كذبه في يقظته ، فلم زادت عقوبته ووعيده وتكليفه عقد الشّعيرتين؟ قيل : قد صحّ الخبر «إن الرؤيا الصادقة جزء من النّبوّة» والنّبوّة لا تكون إلّا وحيا ، والكاذب في رؤياه يدّعى أن الله تعالى أراه ما لم يره ، وأعطاه جزءا من النبوّة لم يعطه إيّاه ، والكاذب على الله تعالى أعظم فرية ممن كذب على الخلق أو على نفسه.
(ه) وفي حديث عمر «أنه قضى في الأرنب يقتله المحرم بحَلَّام» جاء تفسيره في الحديث أنه الجدى. وقيل إنه يقع على الجدى والحمل حين تضعه أمه ، ويروى بالنون والميم بدل منها وقيل : هو الصغير الذى حَلَّمَه الرّضاع : أى سمّنه ، فتكون الميم أصلية.
(س) وفي حديث ابن عمر «أنه كان ينهى أن تنزع الحَلَمَة عن دابّته» الحَلَمَة بالتّحريك : القراد الكبير ، والجمع الحَلَم. وقد تكرر في الحديث.
__________________
(١) في الأصل واو اللسان «ليلينى» والمثبت من صحيح مسلم ، باب تسوية الصفوف من كتاب الصلاة.