وبذلك يجتمع الحديثان ، وهذا هو الحِلْفُ الذى يقتضيه الإسلام ، والممنوع منه ما خالف حكم الإسلام. وقيل المُحَالَفَة كانت قبل الفتح.
وقوله «لا حِلْفَ في الإسلام» قاله زمن الفتح ، فكان ناسخا ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأبو بكر رضى الله عنه من المطيّبين ، وكان عمر رضى الله عنه من الأَحْلَاف. والأَحْلَاف ستّ قبائل : عبد الدار ، وجمح ، ومخزوم ، وعدىّ ، وكعب ، وسهم ، سمّوا بذلك لأنهم لمّا أرادت بنو عبد مناف أخذ ما في أيدى عبد الدار من الحجابة والرّفادة واللّواء والسّقاية ، وأبت عبد الدار عقد كلّ قوم على أمرهم حلفا مؤكّدا على أن لا يتخاذلوا ، فأخرجت بنو عبد مناف جفنة مملوءة طيبا فوضعتها لِأَحْلَافِهِم ، وهم أسد ، وزهرة ، وتيم ، في المسجد عند الكعبة ، تم غمس القوم أيديهم فيها وتعاقدوا ، وتعاقدت بنو عبد الدار وحُلَفَاؤُهَا حِلْفاً آخر مؤكّدا ، فسمّوا الأَحْلَاف لذلك.
(س) ومنه حديث ابن عباس «وجدنا ولاية المطيّبىّ خيرا من ولاية الأَحْلَافِيّ» يريد أبا بكر وعمر ، لأن أبا بكر كان من المطيّبين وعمر من الأَحْلَاف. وهذا أحد ما جاء من النّسب إلى الجمع ؛ لأن الأَحْلَاف صار اسما لهم ، كما صار الأنصار اسما للأوس والخزرج.
ومنه الحديث «أنه لما صاحت الصائحة على عمر ، قالت : وا سيّد الأَحْلَاف ، قال ابن عباس : نعم ، والمُحْتَلَفُ عليهم» يعنى المطيّبين. وقد تكرر في الحديث.
(س) وفيه «من حَلَفَ على يمين فرأى غيرها خيرا منها» الحَلْفُ : هو اليمين. حَلَفَ يَحْلِفُ حَلْفاً ، وأصلها العقد بالعزم والنّية ، فخالف بين اللّفظين تأكيدا لعقده. وإعلاما أن لغو اليمين لا ينعقد تحته.
ومنه حديث حذيفة «قال له جندب : تسمعنى أُحَالِفُك منذ اليوم ، وقد سمعته من رسول الله صلىاللهعليهوسلم فلا تنهانى» أُحَالِفُك : أفاعلك ، من الحَلْفِ : اليمين.
(ه) وفي حديث الحجّاج «أنه قال ليزيد بن المهلّب : ما أمضى جنانه وأَحْلَفَ لسانه» أى ما أمضاه وأذربه ، من قولهم : سنان حَلِيفٌ : أى حديد ماض.
وفي حديث بدر «إنّ عتبة بن ربيعة برز لعبيدة ، فقال : من أنت؟ قال : أنا الذى في