عليه وسلم : لا حَبْسَ بعد سورة النّساء» أراد أنه لا يوقف مال ولا يزوى عن وارثه ، وكأنه إشارة إلى ما كانوا يفعلونه في الجاهلية من حَبْسِ مال الميّت ونسائه ، كانوا إذا كرهوا النّساء لقبح أو قلّة مال حَبَسُوهُنَّ عن الأزواج ؛ لأنّ أولياء الميّت كانو أولى بهنّ عندهم. والحاء في قوله لا حَبْسَ : يجوز أن تكون مضمومة ومفتوحة على الاسم والمصدر.
(س) ومنه حديث عمر رضى الله عنه «قال له النبى صلىاللهعليهوسلم : حَبِّسِ الأصل وسبّل الثّمرة» أى اجعله وقفا حَبِيسًا.
ومنه الحديث الآخر «ذلك حَبِيسٌ في سبيل الله» أى موقوف على الغزاة يركبونه في الجهاد. والحَبِيس فعيل بمعنى مفعول.
(ه) ومنه حديث شريح «جاء محمّد صلىاللهعليهوسلم بإطلاق الحُبُس» الحُبُس : جمع حَبِيس ، وهو بضم الباء ، وأراد به ما كان أهل الجاهلية يُحَبِّسُونه ويحرّمونه : من ظهور الحامى ، والسائبة ، والبحيرة ، وما أشبهها ، فنزل القرآن بإحلال ما حرّموا منها ، وإطلاق ما حَبَّسُوه ، وهو في كتاب الهروى بإسكان الباء ، لأنه عطف عليه الحُبْس الذى هو الوقف ، فإن صحّ فيكون قد خفّف الضمة ، كما قالوا في جمع رغيف رغف بالسكون ، والأصل الضم ، أو أنه أراد به الواحد.
(ه) وفي حديث طهفة «لا يُحْبَس درّكم» أى لا تُحْبَس ذوات الدّرّ ـ وهو اللّبن ـ عن المرعى بحشرها وسوقها إلى المصدّق ليأخذ ما عليها من الزكاة ؛ لما في ذلك من الإضرار بها.
وفي حديث الحديبية «ولكن حَبَسَهَا حَابِس الفيل» هو فيل أبرهة الحبشى الذى جاء يقصد خراب الكعبة ، فحَبَسَ الله الفيل فلم يدخل الحرم ، وردّ رأسه راجعا من حيث جاء ، يعنى أنّ الله حبس ناقة النبى صلىاللهعليهوسلم لما وصل إلى الحديبية فلم تتقدّم ولم تدخل الحرم ، لأنه أراد أن يدخل مكة بالمسلمين.
(ه) وفي حديث الفتح «أنه بعث أبا عبيدة على الحُبُس» هم الرّجّالة ، سمّوا بذلك لتَحَبُّسِهم عن الرّكبان وتأخّرهم ، واحدهم حَبِيس ، فعيل بمعنى مفعول أو بمعنى فاعل ، كأنه يَحْبِس من يسير من الرّكبان بمسيره ، أو يكون الواحد حَابِساً بهذا المعنى ، وأكثر ما تروى الحُبَّسُ ـ بتشديد الباء وفتحتها ـ فإن صحّت الرواية فلا يكون واحدها إلّا حَابِساً كشاهد وشهّد ، فأمّا حَبِيس فلا يعرف في