يستدرجونه حتّى أوقعوه في وسط الحرب في طائفة يسيرة ، وقد قدم الجمهور بين يديه يقاتلون ، فانكشف أصحابه وأسر منهم جماعة ، وأبلى محمد بن ياقوت وهارون بلاء حسنا. وكان معظم جند مؤنس البربر ، فبينا المقتدر واقف قد انكشف أصحابه رآه عليّ بن بليق (١) فعرفه ، فترجّل وقال : يا مولاي أمير المؤمنين. وقبّل الأرض ، فوافى جماعة من البربر إلى المقتدر فضربه رجل منهم من خلفه ضربة سقط إلى الأرض ، فقال له : ويلك أنا الخليفة.
فقال : أنت المطلوب. وذبحه بالسّيف وشيل رأسه على رمح ، ثمّ سلب ما عليه ، وبقي مكشوف العورة حتّى ستر بالحشيش (٢). ثمّ حفر له في الموضع ودفن وعفي أثره.
وبات مؤنس بالشّمّاسيّة (٣).
[رواية الصوليّ عن مقتل المقتدر]
وقال الصّوليّ : لمّا كان يوم الأربعاء لثلاث بقين من شوّال ركب المقتدر وعليه قباء فضّي وعمامة سوداء وعلى كتفه البردة وبيده القضيب والمصاحف منشورة. وكان وزيره قد أخذ له طالعا ، فقال له المقتدر : أيّ وقت هو؟ قال : وقت الزّوال. فتطيّر وهمّ بالرجوع ، فأشرفت خيل مؤنس وبليق (٤) ، ونشبت الحرب ، وتفرّق عن المقتدر أصحابه وقتله البربريّ.
__________________
(١) ورد : «بليق» و «يلبق» ، والأخير أصحّ.
(٢) صلة تاريخ الطبري لعريب ١٥٢ ، تكملة تاريخ الطبري للهمداني ٧٠ ، تاريخ سنيّ ملوك الأرض ١٥٩ ، تجارب الأمم ١ / ٢٣٣ ـ ٢٣٧ ، العيون والحدائق ج ٤ ق ١ / ٣٥٥ ـ ٣٥٨ ، الإنباء في تاريخ الخلفاء ١٥٩ ، المنتظم ٦ / ٢٤٣ ، الكامل في التاريخ ٨ / ٢٤١ ، ٢٤٢ ، تاريخ مختصر الدول ١٥٧ ، الفخري ٢٦٥ ، نهاية الأرب ٢٣ / ٩٩ ، ١٠٠ ، المختصر في أخبار البشر ٢ / ٧٦ ، العبر ٢ / ١٧٨ ، ١٧٩ ، دول الإسلام ١ / ١٩٣ ، ١٩٤ ، تاريخ ابن الوردي ١ / ٢٦٢ ، ٢٦٣ ، مرآة الجنان ٢ / ٢٧٩ ، البداية والنهاية ١١ / ١٦٨ ، ١٦٩ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ٣٩١ ، تاريخ الخميس ٢ / ٣٩١ ، النجوم الزاهرة ٣ / ٢٣٣ ، مآثر الإنافة ١ / ٢٧٥ ، تاريخ الخلفاء ٣٨٤ ، أخبار الدول ١٦٦ ، ١٦٧.
(٣) تكملة تاريخ الطبري للهمداني ٧٠ ، تجارب الأمم ١ / ٢٣٧ ، العيون والحدائق ج ٤ ق ١ / ٣٥٨ ، الكامل في التاريخ ٨ / ٢٤٣ ، نهاية الأرب ٢٣ / ١٠١ ، النجوم الزاهرة ٣ / ٢٣٣.
(٤) ويقال : «يلبق».