[امتناع ركب العراق]
ولم بحجّ ركب العراق (١).
[مقتل الخليفة المقتدر]
وفي صفر غلب مؤنس على الموصل فتسلّل إليه الجند والفرسان من بغداد ، وأقام بالموصل أشهرا. ثمّ تهيّأ المقتدر وأخرج المخيّم إلى الشّمّاسية ، وجعل يزكا على سامرّاء ألف فارس مع أبي العلاء سعيد بن حمدان. وأقبل مؤنس في جمع كثير ، فلمّا قارب عكبرا اجتهد المقتدر بهارون بن غريب أن يحارب مؤنسا ، فامتنع واحتجّ بأنّ أصحابه مع مؤنس في الباطن ولا يثق بهم (١) (٢).
وقيل : إنّه عسكر هارون وابن ياقوت وابنا رائق وصافي الحرميّ ومفلح بباب الشّمّاسيّة ، وانضموا إلى المقتدر ، فقالوا له : إنّ الرجال لا يقاتلون إلّا بالمال ، وإن أخرجت الأموال أسرع إليك رجال مؤنس وتركوه. وسألوه مائتي ألف دينار (٣) ، فأمر بجمع الطّيّارات لينحدر بأولاده وحرمه وأمّه وخاصّته إلى واسط ، ويستنجد منها ومن البصرة والأهواز على مؤنس.
فقال له محمد بن ياقوت : اتّق الله في المسلمين ولا تسلّم بغداد بلا حرب ، وإنّك إذا وقفت في المصافّ أحجم رجال مؤنس عن قتالك.
فقال : أنت رسول إبليس (٤).
فلمّا أصبحوا ركب في الأمراء والخاصّة وعليه البردة وبيده القضيب ، والقرّاء حوالة ، والمصاحف منشورة ، وخلفه الوزير الفضل بن جعفر ، فشقّ بغداد إلى الشّمّاسيّة ، والخلق يدعون له. وأقبل مؤنس في جيشه ووقع القتال. فوقف المقتدر على تلّ ، ثمّ جاء إليه ابن ياقوت وأبو العلاء فقالا : تقدّم ، فإذا رآك أصحاب مؤنس استأمنوا. فلم يبرح ، فألحّ عليه القوّاد بالتّقدّم ، فتقدّم وهم
__________________
(١) المنتظم ٦ / ٢٤٠ ، النجوم الزاهرة ٣ / ٢٣٢.
(٢) العيون والحدائق ج ٤ ق ١ / ٣٥٤ ، نهاية الأرب ٢٣ / ٩٨ ، ٩٩ ، النجوم الزاهرة ٣ / ٢٣٢ ، ٢٣٣.
(٣) تجارب الأمم ١ / ٢٣٥ ، العيون والحدائق ج ٤ ق ١ / ٣٥٤ ، ٣٥٥.
(٤) النجوم الزاهرة ٣ / ٢٣٣.