قال : سمعت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : مَن يرد الله به خيراً يفقّهه في الدين ، وإنّما أنا قاسمٌ والله معطي ، ولا يزال أمر هذه الأمّة مستقيماً حتّى تقوم الساعة ، أو يأتي أمر الله تعالى ، انتهى.
وجه الدليل منه : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أخبر أنّ أمر هذه الأمّة لا يزال مستقيماً إلى آخر الدهر.
ومعلومٌ أنّ هذه الأمور التي تكفّرون بها ما زالت ـ قديماً ـ ظاهرةً ، ملأت البلاد ـ كما تقدّم ـ.
فلو كانت هي الأصنام الكبرى ، ومن فعل شيئاً من تلك الأفاعيل عابداً للأوثان ، لم يكن أمر هذه الأمّة مستقيماً ، بل منعكساً ، بلدهم بلد كفر ، تُعبد فيها الأصنام ظاهراً ، وتجري على عَبَدة الأصنام فيها أحكام الإسلام.
فأين الاستقامة؟ وهذا واضح جليٌّ.
فإن قلت : ورد عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في الأحاديث الصحيحة ما يعارض هذا.
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) : لتتّبعن سنن من كان من قبلكم ، وما في معناه.
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) : تفترق هذه الأمّة على ثلاثٍ وسبعين ملّة ، كلّها في النار ، إلّا ملّة واحدة.
قلت : هذا حقٌّ ، ولا تعارض ـ والحمد لله ـ وقد بيّن العلماء ذلك ووضّحوه.
وأنّ قوله تفترق هذه الأمّة ـ الحديث.
فهؤلاء أهل الأهواء ـ كما تقدم ذِكرهم ـ ولم يكونوا كافرين.
بل ، كلّهم مسلمون إلّا من أسرّ تكذيب الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم فهو منافق ـ كما تقدّم في
__________________
(١) مسند أحمد : ٣ / ٨٤ ، ٨٩ ، ٥ / ٢١٨.
(٢) إتحاف السادة المتقين : ٨ / ١٤٠ ، ١٤١.