وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) (١) أي : يعدلون به غيره ، فيجعلون له من خلقه عدْلاً وشبهاً.
قال ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما : يريد يعدلوا بي مِن خلقي الأصنام والحجارة بعد أن أقرّوا بنعمتي وربوبيّتي.
قال الزجّاج : اعلم أنّه خالق ما ذكره في هذه الآية ، وأنّ خالقها لا شيء مثله ، واعلم أنّ الكفّار يجعلون له عدلاً ، والعَدْل : التسوية ، يقال عَدَل الشيء بالشيء إذا ساواه.
قال تعالى : (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) (٢).
قال ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما : شبهاً ومِثْلاً هو ومن يساميه ، وذلك نفيٌ للمخلوق أن يكون مشابهاً للخالق ، ومماثلاً له بحيث يستحقّ العبادة والتعظيم.
ومن هذا قوله : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) (٣).
وقوله : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (٤) ... الآية.
إنّما قصد به نفي أن يكون له شريكٌ أو معبودٌ يستحقّ العبادة والتعظيم ، وهذا الشبيه ـ هو الذي أُبطل نفياً ونهياً ـ هو أصل شِرك العالم ، انتهى كلام ابن القيّم ملخّصاً.
وإنّما نقلنا هذا لتعلموا صفة شرك المشركين.
ولتعلموا أنّ هذه الأمور التي تكفّرون بها ، وتخرجون المسلم بها من الإسلام ليست ـ كما زعمتم ـ أنّه الشرك الأكبر ـ شرك المشركين الذين كذّبوا جميع الرسل
__________________
(١) الأنعام : ١.
(٢) مريم : ٦٥.
(٣) التوحيد : ٤.
(٤) الشورى : ١١.