بسم الله الرحمن الرحيم
كلمة لا بد منها
قد شاء الله سبحانه وتعالى أن يقع بين يدينا هذا الكتاب النّفيس ـ فرق الشيعة ـ للعالم الجليل المتكلّم أبي محمد الحسن النوبختي الذي عاش حتى أواخر القرن الثالث الهجري ، أي أنه كان في زهو شبابه ويقظته الذهنية ونضجه العقلي يعايش عصر الازدهار العلميّ والفلسفي في العاصمة العباسية ، ويغترف من بحرهما ما شاءت له موهبته الفذّة ، فظهر على الأقران وكان سيّد الميدان ، بين علماء عصره وفى قصر السلطان ، لأنه من أسرة نبيلة امتازت بالفروسية والشجاعة كامتيازها بالعلم والبراعة ، فكان لها القوس المعلّى قبل أن تنضوي تحت لواء الدين الإسلاميّ الحنيف ، وحازت قصب السّبق حين تشرفت بالعقيدة الصحيحة وتربّعت على أرائك الفهم والعلم ، بعد أن برّزت في ميادين الفقه والأصول والفلسفة والكلام والرياضيات والتنجيم ، وكانت من الأسر التي أعطت العالم الإسلاميّ جهابذة تقتدى ، ومثلا عليا ، ومراجع في الفقه والدّين يأوي إليها الطامحون ليترشفوا من معين علمها وفضلها ..
نعم ، شاء الله تبارك وتعالى أن يقيّض لنا الحصول على نسخة هذا الكتاب الصغير الحجم الكبير المعنى ، الذي حوى بين دفّتيه علما جمّا ، فعزمنا ـ بعد الاتكال على الله عزوجل ـ أن ننفض عنه غبار نصف قرن مضى ، ونعيد طبعه ونشره ليتسنّى لرواد الحقيقة أن يطلعوا على ما فيه من دقة التحديد والقول السديد ، في موضوع خاض فيه الكتّاب وجهدت فيه الأقلام ، فنيسّر بذلك مرجعا فخما مختصرا لروّاد الحقيقة المشتغلين في هذا الباب ، والمهتمّين بتمييز الخطأ من الصواب في مجال تهم الطائفة الشيعية