انطرحت
مدينة بأرض
الفرنج عظيمة واسعة الرقعة. أرضها سبخة لا يصلح فيها شيء من الزروع والغراس ،
ومعاشهم من المواشي ودرّها وأصوافها. وليس ببلادهم حطب يشعلونه بحاجاتهم ، وإنّما
عندهم طين يقوم مقام الحطب ، وذاك أنّهم يعمدون في الصيف إذا خفّت المياه إلى
مروجهم ، ويقطعون فيها الطين بالفؤوس على شكل الطوب ، فيقطع كلّ رجل منها مقدار
حاجته ويبسطه في الشمس ينشف ، فيكون خفيفا جدّا ، فإذا عرض على النار يشتعل ،
وتأخذ فيه النار كما تأخذ في الحطب. وله نار عظيمة ذات وهج عظيم كنار كير
الزجّاجين ، وإذا احترقت قطاعة لا جمر لها بل لها رماد.
ايرلاندة
جزيرة في شمالي
الإقليم السادس وغربيه ؛ قال العذري : ليس للمجوس قاعدة إلّا هذه الجزيرة في جميع
الدنيا ، ودورها ألف ميل ، وأهلها على رسم المجوس وزيّهم ، يلبسون برانس قيمة
الواحد منها مائة دينار. وأمّا أشرافهم فيلبسون برانس مكلّلة باللآلىء.
وحكي أن في
سواحلها يصيدون فراخ الأبلينة ، وهو نون عظيم جدّا ، يصيدون أجراءها يتأدّمون بها.
وذكروا ان هذه الأجراء تتولّد في شهر أيلول فتصاد في تشرين الأوّل والثاني وكانون
الأوّل والثاني ، في هذه الأشهر الأربعة ، وبعد ذلك يصلب لحمها فلا يصلح للأكل.
أمّا كيفيّة
صيدها فقد ذكر العذري أن الصيّادين يجتمعون في مراكب ، ومعهم نشيل كبير من حديد ذو
أضراس حداد ، وفي النشيل حلقة عظيمة قويّة ، وفي الحلقة حبل قويّ ، فإذا ظفروا
بالجرو صفّقوا بأيديهم وصوّتوا ، فيتلهّى الجرو بالتصفيق ويقرب من المراكب مستأنسا
بها ، فينضمّ أحد الملّاحين إليها