الخير ، وانه تعاون على بنائه الملوك وهو من أعظم الأبنية وأعلاها ، والآن قد بقي منه طاق الإيوان وجناحات وازجة قد بنيت بآجرّ طوال عراض.
وحكي أن أنوشروان لمّا أراد بناء هذا القصر أمر بشري ما حوله ، وأرغب الناس في الثمن الوافر ، ومن جملتهم عجوز لها بيت صغير قالت : لست أبيع جوار الملك بالدنيا كلّها! فاستحسن أنوشروان منها هذا القول وأمر بترك ذلك البيت على حاله ، وإحكام عمارته ، وبناء الإيوان محيطا به. وإني رأيت الإيوان ، وفي جانب منه قبّة محكمة العمارة ، يعرفها أهل الناحية بقبّة العجوز. وكان على الإيوان نقوش وصور بالتزاويق ، وصورة مدينة أنطاكية وانوشروان يحاصرها ويحارب أهلها راكبا على فرس أصفر ، وعليه ثياب خضر وبين يديه صفوف الفرس والروم ، وكانت هذه النقوش على الإيوان باقية إلى زمان أبي عبادة البحتري ، فإنّه شاهدها وذكرها في قصيدته السينية :
حضرت رحلي الهموم فوجّه |
|
ت إلى أبيض المدائن عنسي |
أتسلّى عن الخطوب وآسى |
|
لمحلّ من آل ساسان درس |
حلل لم تكن كأطلال سعدى |
|
في قفار من البسابس ملس |
لو تراه علمت أنّ اللّيالي |
|
جعلت فيه مأتما بعد عرس |
فإذا ما رأيت صورة أنطا |
|
كيّة ارتعت بين روم وفرس |
والمنايا مواثل وأنوشر |
|
وان يزجي الصّفوف تحت الدّرفس |
في اخضرار من اللّباس على اص |
|
فر يختال في صبيغة ورس |
وعراك الرّجال بين يديه |
|
في خفوت منهم وإغماض جرس |
من مشيح يهوي بعامل رمح |
|
ومليح من السّنان بترس |
تصف العين أنّهم جدّ أحياء |
|
لهم بينهم إشارة خرس |
وكأنّ الإيوان من عجب الصّن |
|
عة جوب في جنب أرعن جلس |