وحكى الجاحظ أن فتيانا من ثعلبة أرادوا القطع على مال يمرّ بهم بقرب دير العذارى ، فجاءهم من أخبرهم أن السلطان قد علم بهم وبعث الخيل في طلبهم ، فاختفوا في دير العذارى إلى أن عرفوا أن الخيل رجعت من الطلب فأمنوا ، فقال بعضهم : ما الذي يمنعكم أن تأخذوا هذا القسّ وتشدّوه وثيقا ، ثمّ يخلو كل واحد منكم بواحدة من هؤلاء الأبكار ، فإذا طلع الفجر تفرّقتم في البلاد؟ ففعلوا ما أجمعوا عليه فوجدوا كلّهن ثيّباب فرع القسّ منهن قبلهم ، فقال بعضهم :
ودير العذارى فضوح لهنّ |
|
وعند القسوس حديث عجيب |
خلونا بعشرين صوفيّة |
|
ومسّ الرّواهب أمر غريب |
إذا هنّ يزهرن زهر الظرّاف |
|
وباب المدينة فجّ رحيب |
وقد بات بالدّير ليل التّمام |
|
فحول صلاب وجمع مهيب |
وللقسّ حزن يهيض القلوب |
|
ووجد يدلّ عليه النّحيب |
وقد كان عيرا لذي عانة |
|
فصبّ على العير ليث هبوب |
دير القيّارة
بقرب الموصل في الجانب الغربي مشرف على دجلة ، تحته عين تفور بماء حارّ ، يصبّ في دجلة ويخرج معه القار ، فما دام القار في مائة فهو لين ، فإذا فارق الماء وبرد جفّ. ويحصل منها قير كثير يحمل إلى البلاد ، وأهل الموصل يقصدون هذا الموضع للنزه ، ويستحمّون بهذا الماء فإنّه يقلع البثور وينفع من أمراض كثيرة.
دير كردشير
في وسط مفازة معطشة مهلكة بين الري والقم. لولا هذا الدير لم يتيسّر قطعها. بناها أردشير بن بابك ، وهو حصن عظيم هائل البناء عالي السور ، مبني بآجرّ كبار ، وفيه أبنية وآزاج وعقود ، وصحنه قدر جريبين أو