فقال الملك : احشوها بالنبل. فلم يكن يعمل فيها شيء من النبال ، وكانت تخفي خراطيمها تحت بطنها لئلّا يصيبها النبل ، وإذا أصاب شيئا من بدنها أمرّت عليها الخرطوم ورمتها ، فشربت الماء ورجعت. والله الموفق.
جابرسا
مدينة بأقصى بلاد المشرق ، عن ابن عبّاس ، رضي الله عنه ، قال : إن بأقصى المشرق مدينة اسمها جابرس ، أهلها من ولد ثمود ، وبأقصى المغرب مدينة اسمها جابلق أهلها من ولد عاد ، ففي كلّ واحد بقايا من الأمّتين. يقول اليهود : إن أولاد موسى ، عليه السلام ، هربوا في حرب بخت نصّر ، فسيّرهم الله تعالى وأنزلهم بجابرس ، وهم سكّان ذلك الموضع لا يصل إليهم أحد ولا يحصى عددهم.
وعن ابن عبّاس ، رضي الله عنه ، أن النبيّ ، صلّى الله عليه وسلّم ، في ليلة أسري به قال لجبريل ، عليه السلام : إني أحبّ أن أرى القوم الذين قال الله تعالى فيهم : ومن قوم موسى أمّة يهدون بالحقّ وبه يعدلون. فقال جبريل ، عليه السلام : بينك وبينهم مسيرة ستّ سنين ذاهبا وستّ سنين راجعا ، وبينك وبينهم نهر من رمل يجري كجري السهم ، لا يقف إلّا يوم السبت ، لكن سل ربّك ، فدعا النبي ، صلّى الله عليه وسلّم ، وأمّن جبريل ، عليه السلام ، فأوحى الله إلى جبريل أن أجبه إلى ما سأل ، فركب البراق وخطا خطوات ، فإذا هو بين أظهر القوم ، فسلّم عليهم فسألوه : من أنت؟ فقال : أنا النبيّ الاميّ! فقالوا : نعم ، أنت الذي بشّر بك موسى ، عليه السلام ، وإن أمّتك لولا ذنوبها لصافحتها الملائكة ، قال رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم : رأيت قبورهم على باب دورهم فقلت لهم : لم ذاك؟ قالوا : لنذكر الموت صباحا ومساء ، وإن لم نفعل ذلك ما نذكر إلّا وقتا بعد وقت! فقال ، صلّى الله عليه وسلّم : ما لي أرى بنيانكم مستويا؟ قالوا : لئلّا يشرف بعضنا على بعض ،