والسقوف ، وكذلك الأبواب فإنّها من صفائح ملحيّة مغطاة بشيء من جلد الحيوان كي لا يتشعّب أطرافها. وذكر أن جميع ما حول هذه المدينة من الأراضي سبخة وفيها معدن الملح والشبّ ، وإذا مات بها شيء من الحيوان يلقى في الصحراء فيصير ملحا ، والملح بأرض السودان عزيز جدّا ، والتجّار يجلبونه من تغارة إلى سائر بلادهم يبتاع كلّ وقر بمائة دينار.
ومن العجب أن هذه المدينة أرضها سبخة جدّا ، ومياه آبارهم عذبة ، وأهلها عبيد مسوّفة ، ومسوفة قبيلة عظيمة من البربر. وأهل تغارة في طاعة امرأة من إماء مسوّفة ، شغلهم جمع الملح طول السنة. يأتيهم القفل في كلّ سنة مرّة يبيعون الملح ويأخذون من ثمنه قدر نفقاتهم ، والباقي يؤدّونه إلى ساداتهم من مسوّفة ، وليس بهذه المدينة زرع ولا ضرع ، ومعاشهم على الملح كما ذكرنا.
تكرور
مدينة في بلاد السودان عظيمة مشهورة ، قال الفقيه علي الجنحاني المغربي : شاهدتها وهي مدينة عظيمة لا سور لها ، وأهلها مسلمون وكفّار ، والملك فيها للمسلمين ، وأهلها عراة رجالهم ونساؤهم ، إلّا أشراف المسلمين فإنّهم يلبسون قميصا طولها عشرون ذراعا ، ويحمل ذيلهم معهم خدمهم للحشمة ، ونساء الكفّار يسترن قبلهنّ بخرزات العقيق ، ينظمنها في الخيوط ويعلقنها عليهن ، ومن كانت نازلة الحال فخرزات من العظم.
وذكر أيضا أن الزرافة بها كثيرة ، يجلبونها ويذبحونها مثل البقر ، والعسل والسمن والأرز بها رخيص جدّا. وبها حيوان يسمّى لبطى ، يؤخذ من جلده المجنّ يبتاع كلّ مجنّ بثلاثين دينارا ، وخاصيّته أن الحديد لا يعمل فيه البتّة.
وحكى أنّه لمّا كان بها إذ ورد قاصد من بعض عمّال الملك يقول : قد دهمنا سواد عظيم لا نعرف ما هو. فاستعدّ الملك للقتال وخرج بعساكره ، فإذا فيلة كثيرة جاوزت العدّ والحصر ، فجاءت حتى ترد الماء بقرب تكرور ،