تنس
مدينة بافريقية حصينة ، ولها قهندز صعب المرتقى ، ينفرد بها العمال لحصانتها خوفا من الرعيّة ، هواؤها وبيّ وماؤها رديّ ، وماؤهم من واد يدور حول المدينة ، وإليه مذهب مياه حشوشهم وشربهم منه ، والحمّى لا تفارق أهلها في أكثر الأوقات.
وبها ذئب كثير يأكل أهلها ، وبرغوث كثير ، وهم في عذاب من الذئب والبراغيث ؛ قال بعض من دخلها وفارقها :
لا سقى الله بلدة كنت فيها! |
|
البراغيث كلّهم أكلوني! |
قرصوني حتّى تنمّر جلدي |
|
لو خلعت الثّياب لم تعرفوني |
إن صعدت السّطوح لم يتركوني |
|
وأراهم على الدّرج يسبقوني |
تونس
مدينة بأرض المغرب كبيرة على ساحل البحر ، قصبة بلاد افريقية. اصلح بلادها هواء وأطيبها ماء وأكثرها خيرا! وبها من الثمار والفواكه ما لا يوجد في غيرها من بلاد المغرب حسنا وطعما : فمن ذلك لوز عجيب يفرك باليد ، وأكثرها في كلّ لوزة حبّتان. وبها الرمان الذي لا عجم له مع صدق الحلاوة ، والأترج الذكي الرائحة البديع المنظر ، والتين الحازمي الأسود الكبير الرقيق القشر الكثير العسل ، لا يكاد يوجد فيه بزر ، والسفرجل الكبير جدّا العطر الرائحة ، والعنّاب الكبير كلّ حبّة منه على حجم جوزة ، والبصل العلوري على حجم الأترج مستطيل صادق الحلاوة.
وبها أنواع من السمك عجيبة لا ترى في غيرها ، يرى في كلّ شهر نوع من السمك خالفا لما كان قبله ، فيملّح ويبقى سنين صحيح الجرم طيّب الطعم.