وسدّت عليهم الغار ، فقالوا : لا ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تدعوا الله تعالى بصالح أعمالكم! قال رجل منهم : اللهم إنه كان لي أبوان شيخان كبيران فكنت لا أغبق قبلهما أهلا ولا ولدا ، فباتا في ظلّ شجر يوما فلم أبرح عليهما حتى ناما ، فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين ، فكرهت أن أغبق قبلهما أهلا ولا ولدا ، فلبثت والقدح في يدي أنتظر استيقاظهما حتى طلع الفجر ، والصبية يتضاغون ، فاستيقظا وشربا غبوقهما! اللهمّ إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرّج عنّا ما نحن فيه من هذه الصخرة! فانفرجت شيئا لا يستطيعون الخروج منه.
وقال الآخر : اللهمّ إنه كانت لي ابنة عمّ كانت من أحبّ الناس إليّ ، فراودتها عن نفسها فامتنعت مني حتى ألمّت بنا سنة من السنين ، فجاءتني فأعطيتها مائة وعشرين دينارا على أن تخلي بيني وبين نفسها ، ففعلت حتى إذا قدرت عليها قالت : لا يحلّ لك أن تفضّ الخاتم إلّا بحقّه! فتخرّجت من الوقوع عليها وانصرفت عنها ، وهي أحبّ الناس إليّ ، وتركت الذهب الذي أعطيتها. اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرّج عنّا ما نحن فيه! فانفرجت الصخرة غير أنّهم لا يستطيعون الخروج منها.
وقال الثالث : اللهمّ إنّك تعلم أني استأجرت أجرا فأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد ترك الذي له وذهب ، فنمت أجرته حتى كثرت منه الأموال.
فجاءني بعد حين وقال : يا عبد الله هات أجرتي! فقلت له : كلّ ما ترى من الإبل والبقر والغنم والرقيق من أجرتك! فقال : يا عبد الله لا تستهزىء بي! فقلت : لا أستهزىء! فاستاق كلّه ولم يترك منه شيئا. اللهمّ إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرّج عنّا ما نحن فيه! فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون.