قال
: فلهذا جاز استناد القديم الممكن إلى المؤثر الموجب لو أمكن ولا يمكن استناده إلى
المختار.
أقول : هذا نتيجة ما تقدم من أن الممكن الباقي إذا ثبت أنه
محتاج إلى المؤثر ثبت جواز استناد القديم الممكن إلى المؤثر الموجب ، أما استناده
إلى المختار فغير ممكن لأن المختار هو الذي يفعل بواسطة القصد والاختيار والقصد
إنما يتوجه في التحصيل إلى شيء معدوم لأن القصد إلى تحصيل الحاصل محال وكل معدوم
تجدد فهو حادث.
المسألة الخامسة والأربعون
في نفي قديم ثان
قال
: ولا قديم سوى الله تعالى لما يأتي :
أقول : قد خالف في هذا جماعة كثيرة أما الفلاسفة فظاهر لقولهم
بقدم العالم.
وأما المسلمون
فالأشاعرة أثبتوا ذاته تعالى وصفاته في الأزل كالقدرة والعلم والحياة والوجود
والبقاء وغير ذلك من الصفات على ما يأتي.
وأبو هاشم أثبت
أحوالا خمسا فإنه علل القادرية والعالمية والحيية والموجودية بحالة خامسة هي
الإلهية.
وأما الحرنانيون
فقد أثبتوا خمسة من القدماء اثنان حيان فاعلان هما الباري تعالى والنفس وواحد
منفعل غير حي هو الهيولى واثنان لا حيان ولا فاعلان ولا منفعلان هما الدهر والخلاء
أما قدمه تعالى فظاهر وأما النفس والهيولى فلاستحالة تركبهما عن المادة وكل حادث
مركب وأما الزمان فلاستحالة التسلسل اللازم على تقدير عدمه وأما الخلاء فرفعه غير
معقول واختار ابن زكريا الرازي الطبيب هذا المذهب وصنف كتابا موسوما بالقول في
القدماء الخمسة وكل هذه المذاهب باطلة لأن كل ما سوى الله تعالى ممكن وكل ممكن
حادث وسيأتي تقريرهما.